يوميات الندوة
أيهما المسئ !؟
تلقيت من القارئ الكريم ص. ع هذه الأسئلة:
1- بعض من تنقد أعمالهم الصحف أو تلومهم على تصرف خاطئ ينحون على الصحافة باللائمة ويعتبرونها مسيئة إلى المجتمع بكشف أعمالهم وكان عليها أن تتستر عليهم لئلا تسئ إلى المجتمع فهل لهذه الفكرة من صحة.
2- كما يطالب بعض من هؤلاء المنقودين ألا تنشر الصحيفة شيئا إلا بعد التثبت من صحته فهل هذا صحيح.
3- وفئة ثالثة تطلب من الصحيفة ألا تنشر أي نقد أو ملاحظة موجهة إليها إلا بعد عرضها عليها وأخذ رأيها في النشر أو عدمه؟! فهل هذا معقول؟
هذه أسئلة القارئ الكريم.
ولما كنت أنا نفسي سمعت مثل هذه المغالطات يرددها بعض الناس رأيت أن أجيب على أسئلة القارئ الكريم لأصحح بعض الاتهام وادحض بعض الاقتراحات التي تلصق بالصحافة.
فأجيب على السؤال الأول فأسأل:
هل يعتبر جلد الزاني وقطع يد السارق وإشهار ذلك بين المسلمين إساءة إلى المجتمع أم ردع وزجر وإصلاح؟! ومن المسيء إلى المجتمع؟ أهو التشريع الحكيم أم الجاني الأليم؟!
إن الجواب على هذا السؤال هو نفس الجواب على سؤال القارئ وهو الرد المفحم على تلك المغالطات ودحضها.
أما السؤال الثاني فإني أجيب عليه أيضا بسؤال:
كيف يكون التثبت وما هي الوسيلة؟! إذا كان التثبت هو التثبت المشروع الذي يكفي فيه البينة أو القرينة فذلك حق واجب.. أما إذا كان التثبت يعني به اعتراف الجاني فقط ولا يلتفت إلى غير ذلك من المثبتات والقرائن فذلك هو المستحيل بالنسبة للصحافة وهذا المطلب وسيلة لطمس الحقائق وأسلوب من أساليب المغالطة أيضا..
أما الرد على السؤال الثالث فإن الأخذ بهذا المبدأ إنما هو وأد للنقد أو الملاحظات وعدم نشرها إذا عجزت الصحيفة عن تحمل مسئولية النشر.. أؤثر ذلك على استئذان المنقود في النشر..
وبعد فهل فهمت يا قارئي العزيز وهل يفهم معك المروجون للمغالطات التي تضللون بها بعض السذج من المستمعين.
أرجو ذلك لئلا اضطر إلى العودة لتفصيل هذا الموجز والله الهادي إلى سواء السبيل.
مكاسب الشدة والمحنة
الشدائد والمحن كثير ما ترجح كفة المكاسب التي تعقبها عن الخسائر ولاسيما إذا كانت هذه الشدائد والمحن تنزل نتيجة لمكائد ودسائس وأغراض شخصية.
وأصحاب الرسالات والمبادئ في الحياة يستقبلون المحن والشدائد كما يستقبل المجاهد عن عقيدته ووطنه الموت في سبيل الله لإيمانهم أن دعاة الحق لا يمكن أن يضطهدوا إلى الأبد وأن الباطل يستحيل أن يعلو دائما بل له جولة ثم يضحمل.
ولهذا فإنهم يخرجون من الشدائد والمحن أمضى عزيمة وأشد تمسكا بمبادئهم وأقوى إيمانا برسالتهم التي نذروا أنفسهم لها.
أما أولئك الذين يعيشون في هذه الحياة ليأكلوا وحسبهم منها المرقد الناعم والمأكل الطري والمشرب اللذيذ والمركب المرفه، وتلك هي رسالتهم في الحياة، لا يهمهم أى طريق يسلكونه في الوصول إلى هذه الغاية بقدر ما يهمهم قرب هذا الطريق وسهولته يعنون بالكم لا بالكيف.. إذا رأيتهم تعجبك أجسامهم.. وإن تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة.
أما أولئك فهم ضعاف أمام الشدائد والمحن يهزمون لأول هجمة ويفرون من أول طلقة وينسحبون من الميدان لمجرد الإحساس بالرعب.. إنهم كالنعامة الربذاء تنفر من صفير الصافر.
ونحن – وأعني جميع أسرة تحرير الندوة وأصدقائها – من الذين وطنوا أنفسهم على تحمل المتاعب وعودوها على استقبال المحن والشدائد بالابتسام والرضى وإلتماس المخرج من الله وحده دون أحد سواه فكنا نخرج دائما منها إلى حال أحسن من ذي قبل ولو أردت أن أسرد الأمثلة لطال الحديث وضاق النطاق.
والذي أثار في نفسي هذه الخاطرة التي يمكن أن تكون درسا.. درسا لأصحاب المبادئ والرسالات يزيد من تمسكهم بمبادئهم ورسالاتهم غير مكترثين بما يثار حولهم من غبار وما يدس لهم من دسائس..
ودرسا لأولئك الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا ويحسبون أنهم يحسنون صنعا وآثروا أن يعملوا في الظلام وأن يلتمسوا النجاح بالسعي لفشل غيرهم وأن يفقدوا الأمل في الحياة إذا عجزوا عن انتزاع اللقمة من فم الغير وأن ييأسوا من النور إذا فشلوا في اختلاس نور جيرانهم وكأن أرض الله ليست واسعة ولا أضواء كواكبه تملأ الدنيا.
درسا لأولئك ليفيئوا إلى رشدهم ويتجلدوا إلى العمل.. العمل في النور.. العمل دون الإضرار بعمل الآخرين.. العمل من غير الإجهاز على جهود الغير.. العمل الرجالي لا الصبياني على طريقة "بسي وكخة ومعانا والا معاهم".
شكراً لله..
الذي أثار في نفسي هذه الخاطرة هو هذا العطف الذي غمر الندوة به أصدقاؤها ومحبوها من كبار الكتاب من رواد الصحافة الأول..
وفي مقدمتهم ثلاثة من رؤساء تحرير الصحيفة الأولى للشعب العربي السعودي "صوت الحجاز" هم الأساتذة حسن كتبي وحسن فقي وحسين عرب فتطوعوا بالمساهمة في تحرير الندوة فأخذوا يمدون قراء الندوة بإنتاجهم القيم أفكارا وأسلوبا.
وهو فضل من الله ساقه للندوة ليحبط به عملاً أريد به إضعافها فإذا بها تزداد قوة إلى قوة وتخرج من نصر إلى نصر.
فشكرا لله وحمدا له على أفضاله الكثيرة، ثم شكرا للشدائد التي هى محك الصداقات وشكرا للكتاب الذين أحبطوا كيد الكائدين..
معلومات أضافية
- العــدد: 590
- الزاوية: يوميات الندوة
- تاريخ النشر: 3/7/1380ﻫ
- الصحيفة: الندوة
اترك التعليق
الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.