صباح الخير
أثار مقالي عن صندوق التنمية العقاري وتقاعس الصحافة السعودية أكثر من ثمانية شهور عن البحث والسؤال عن مصير هذا البنك الإقراضي الذي ينتظره الناس بلهفة وترقب بسبب أزمة السكن الحادة والذي رصد له أكثر من خمسمائة مليون ريال في ميزانية الدولة التي انصرم أكثر من سنتها المالية أكثر من ستة شهور... أثار ذلك المقال ضجة لم أكن أبتغيها.
أعترف أني قد تعمدت اختيار ألفاظ غاضبة قصدت أن أحرك بها سكون البحيرة الهادئة التى تسبح فيها غافية مطمئنة كل وسائل الإعلام في هذا البلد... لكن العزيز الجفرى مدير تحرير "عكاظ" أخذ الأمر مأخذا ذاتيا وانبرى في مقالين يهاجمني ويدافع عن "عكاظ" أخذ الأمر مأخذا ذاتيا وانبرى في مقالين يهاجمنى ويدافع عن "عكاظ" وعن منجزاتها وكأنه يقول: إن ما كتبته ينطبق على كل الصحافة السعودية ما عدا "عكاظ".. وهذا في يقيني أمر بعيد عن التواضع الذي يجب أن يتحلى به كل مسئول في أية وسيلة من وسائل الإعلام... كان الأجدر بالعزيز الجفري أن يترك للقراء أنفسهم أن يقرروا - لا أن يقرر عنهم – إن – عكاظ مستثناة مما كتبته عن الصحافة السعودية.
إني راغب في تجاوز هذا الأمر إلى مناقشة "رأي للحوار" الذي نشر على عامودين كاملين في الصفحة الأولى من عدد: عكاظ" يوم الثلاثاء الماضي بقلم الأخ الأستاذ على حسين شبكشي".
ليسمح لي الأخ على مدير عام مؤسسة "عكاظ" للصحافة والنشر بالتعليق على مقالته ذات المقدمة الطويلة الطويلة البعيدة عن واقع الحال والتي التهمت ثلاثة أرباع المقال وانتهت إلى أسئلة هي بالتحديد.. لماذا تحول بعض رؤساء التحرير إلى أسرى لوهم الخوف أو خوف الوهم... لماذا يعزف الشباب المثقف عن العمل بالصحافة؟ لماذا هرب خمسة وستون شابا تخصصوا في الصحافة في العشر سنوات الأخيرة إلى مجالات عمل أخرى؟... وأخيرا لماذا لم تتعرض صحيفة لوزير أو مسئول أخطأ؟؟
يا أخ علي... الإجابة المختصرة.. الصريحة والواضحة هي أن الصحافة السعودية تعيش أسيرة لنظام ثبت عملياً فشله وهو نظام المؤسسات الصحفية الذي جعل الصحافة السعودية تراوح مكانها – إن لم تتأخر – منذ أكثر من اثنى عشر عاما!؟
كيف يمكن أن تجمع ما بين حوالي عشرين شخصاً غير متفرغين ومتباينين في الثقافة والاهتمامات وتطلب منهم إنشاء مؤسسة صحيفة تصدر صحفية يومية ومجلة أسبوعية على أن يكون المدير العام ورؤساء التحرير من هؤلاء الأعضاء الغير متفرغين والمتباينين في الثقافة والاهتمامات.
إن المؤسسات الصحفية القائمة الآن تعيش على سمعة الصحف التي كانت تصدر قبل صدور نظام المؤسسات الصحفية.. هذه مؤسسة المدينة تعيش على سمعة صحيفة المدينة ومؤسسة الندوة على صحيفة الندوة ومؤسسة اليمامة على صحيفة الرياض.. وهكذا!
نحن نعرف أن مؤسسة صحافية أسست في المنطقة الشرقية منذ أكثر من اثنى عشر عاماً اسمها مؤسسة اليوم... أين الصحف والمجلات التي تصدرها مؤسسة اليوم.. لقد صرفت مؤسسة اليوم أكثر من عشر سنين وهي تحاول إصدار صحيفة يومية ولم تتمكن من ذلك إلا مؤخرا ومع ذلك أين هي صحيفة اليوم هنا في المنطقة الغربية أو الوسطى أو حتى الشرقية ناهيك بالمنطقة الجنوبية؟ لماذا لم يتمكن حوالي عشرون عضوا في مؤسسة اليوم من إصدار صحيفة يومية قبل أكثر من اثنى عشر عاماً؟ والجواب هو أن حجر الزاوية في نظام المؤسسات هو أن يؤلف حوالي عشرون شخصا مؤسسة صحفية وهؤلاء بالتأكيد غير متفرغين ومتباينين في الثقافة والاهتمامات وتكون النتيجة أنهم غير قادرين على العمل وتكون الضحية هي الصحيفة، والقراء والذين يرغبون الانخراط في السلك الصحفي والتدرج فيه إلى أن يصلوا إلى قمته.
يا أخ علي... هناك سؤال يخص مؤسسة "عكاظ" التي أنت مديرها العام والمشرف على تحريرها أرجو أن تجيبني عليه باختصار وصراحة ووضوح:
لماذا لم تتمكن مؤسسة عكاظ إلى هذه الساعة من اختيار رئيس تحرير لصحيفة :عكاظ" اليومية؟
وبعد... لا زلت إلى اليوم أتذكر ما قاله الشيخ جميل الحجيلان وزير الإعلام السابق وصاحب فكرة نظام المؤسسات الصحفية عندما كنت أحاوره على مشهد من الزملاء قبل أكثر من اثنى عشر عاماً عن فائدة وجدوى المؤسسات الصحفية ونظامها... لقد قال وقتها ما معناه أن الدولة رأت أن تتبلور الصحافة السعودية على هيئة مؤسسات وهذه تجربة أرجو لها النجاح، أما إذا فشلت فإن الدولة قادرة على تغييرها.
معلومات أضافية
- العــدد: 170
- الزاوية: صباح الخير
- تاريخ النشر:
- الصحيفة: المدينة
اترك التعليق
الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.