أولادنا والجامعات
نحن – والحمد لله – في خير كثير ونعمة سابغة يحسدنا الكثيرون عليها وولاة أمورنا كرام بررة لا يقتصر كرمهم وبرهم علينا بل يشمل كثيراً من البلاد العربية والإسلامية وخاصة في مجال العلم والتعليم فلا يستنجد بهم في مثل ذلك إلا وتراهم السباقون إلى كل خير وهذه المعاهد والمدارس والمراكز الإسلامية المنتشرة في كل مكان أكبر دليل على ذلك، ولا نقول هذا الكلام تملقاً ولا نفاقاً ولكنها حقيقة أحببنا أن نشير إليها بعد أن أحسسنا بالمرارة واستشعرنا الدهشة لما نشر بهذه الصحيفة عن نسبة القبول بين الطلاب والطالبات بجامعة الملك عبد العزيز والتي تدنت هذا العام إلى مستوى لا نراه معقولاً ولا مقبولاً فقد جاء في التحقيق الذي نشرته الصحيفة أن العدد المقبول من الطالبات (600 من 8000) ستمائة من ثمانمائة آلاف ونكتبها كتابة لا رقماً فقط لئلا يسقط صفر فيظن القارئ أن المقبول ستمائة من ثمانمائة فتكون المصيبة أخف أما بالنسبة للطلاب فقد قفل باب القبول منذ الأيام الأولى للأيام المحددة للتسجيل والنسبة المحددة للقبول بجانب عدد الخريجين ضئيلة جداً.
ونحن نسأل المسئولين عن الجامعة أين يذهب أبناؤنا وبناتنا المتلهفون على العلم؟! وكيف نسعى إلى وقف ابتعاث أولادنا إلى الخارج لما ينطوي عليه هذا الابتعاث من أخطار لم تعد تخفي على أحد.. كيف نسمى ذلك ونحن لا نهيئ لهم الدراسة في الداخل؟!
إننا بهذا ندفع الآباء المقتدرين وما أكثرهم عندنا – بل حتى غير المقتدرين – لإرسال أولادهم إلى الخارج لإكمال تعليمهم حتى ولو استدانوا أو باعوا شيئاً مما يملكون إذ أن حملة الشهادة الثانوية لا يجدون مجالاً للعمل إلا القليل النادر وأكثرهم يظلون يترددون على مكاتب الخدمة المدنية "واختباراتها العجيبة" دون جدوى بينما تمتلئ دواويننا الحكومية بالكثير من المتعاقدين.
ونتساءل أيضاً أين تقديرات الخطة الخمسية إذا كانت لم تضع في حسابها قبول جميع الخريجين والخريجات ونحن نخوض معركة البناء والتطوير التي تشهدها بلادنا العزيزة في كل مجال.
وهل يعقل أن نظل نستقدم الأيدي العاملة من محاسبين ومحررين ومديرين ونحول بين أبنائنا والوصول إلى الدرجة العلمية التي تؤهلهم لسد هذا الفراغ.
ومن هي الجهة التي تقف في سبيل تحقيق أمنيات هذه الأجيال الصاعدة من الانتهال من مناهل العلم والثقافة والدرجات العلمية داخل بلادنا.
إننا نعرف أن لجلالة الملك المعظم وسمو ولى عهده الأمين مواقف أبويه سابقة إلى جانب هؤلاء الطلاب والطالبات وندهش لعدم قيام المسئولين عن التعليم بوضع الصورة كاملة أمام جلالته وسمو ولى عهده عند وضع الميزانيات المخصصة للتعليم في كل مراحله لأنه من المؤكد أنهما سيقدمان ذلك على كل مشروع وكل فكرة فالعلم في نظرنا هو الخطوة الأولى للقضاء على الثالوث الأسود الجهل والفقر والمرض وما لم نقض على العدو الأول فإنه يستحيل علينا القضاء على العدوين الآخرين.
إن الاحتجاج بالنقص في هيئات التدريس لم يعد مقبولاً فهيئات التدريس العالي موجودة في كثير من الدول العربية والمسألة مسألة إمكانيات والإمكانيات متوفرة لنا ولله الحمد وولاة الأمر لا يبخلون ولا نحتاج إلا للنية والإخلاص.
إننا نتوجه بإخلاص وولاء إلى مقام حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم وسمو ولى عهده الأمين – وليس لنا ولد لم يقبل – ولكن لأننا نعتبر كل طالب أو طالبة في مملكتنا هو ابن أو ابنة لنا – نتوجه إليهما وهما مناط الرجاء ومحل الأمل أن يشملا هذه البراءة بعطفهما الأبوي فيأمرا بسرعة افتتاح جامعة أم القرى بمكة المكرمة لاستيعاب عدد كبير من هؤلاء الطلاب والطالبات الذين سدت أبواب العلم في وجوههم وقبول جميع الطلاب والطالبات الذين تؤهلهم درجاتهم العلمية التي حصلوا عليها ولو بإحداث حصص مسائية بصورة مؤقتة ريثما يجرى استكمال هيئات التدريس المطلوب وإكمال المباني وتغطية نفقات ذلك بميزانية طوارئ عاجلة ففي ذلك تفريج لكربات هؤلاء الطلاب والطالبات وأولياء أمورهم الذين سيحزنهم أن تنزل بفلزات أكبادهم هذه الصدمة وهم في معظم حياتهم وعن تفتح آمالهم.
معلومات أضافية
- العــدد: 34
- الزاوية: كل خميس
- تاريخ النشر:
- الصحيفة: المدينة
اترك التعليق
الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.