ماذا في المجتمع..
لا أحاديث للناس هذه الأيام سوى الحديث عن الجزء المحدد من مشروع توسعة المسجد الحرام وشوارع مكة في عام 1376ﻫ بعد أن نشرت الحكومة بيان الدور والدكاكين التي تقرر نزع ملكيتها في هذا العام تمهيداً لإزالتها من أجل المشروع، هذا المشروع العظيم الذي انقبض له الناس أول الأمر ثم راحوا يثنون عليه بعد أن أدركوا فوائده ولمسوها في موسم سنة 1375ﻫ.
كان الناس يتعاظمون فكرة فتح شارع خلف الصفا ولا يتصورون كيف يكون شق هذا الشارع لما يتصورونه من عقبات وكانوا يستهولون إزالة كل هذه المباني التي أزيلت في هذا الشارع وشارع المسعى ولكنهم عندما رأوا تلك الأماني الملكية تتحقق وفي أسرع وقت، ورأوا كيف تنكسر الصعاب أمام همم الرجال ورأوا كيف أصبح شارع المسعى وما أزيل فيه من مباني متنفساً كبيراً للمسجد الحرام يصلي فيه آلاف المصلين بعد أن ضاق بهم المسجد الحرام رغم اتساعه، ورأوا كيف أصبحت السيارات تخترق شارع الملك سعود في سهولة ويسر واستراح الساعون – وهم ضيوف الله – من إزعاج السيارات التي كانت تفزع قلوبهم وتبعث في نفوسهم وتبدد الخشوع من أفئدتهم.
رأوا كل ذلك وأدركوا فوائد المشروع ولما ينته منه إلا اليسير واليسير جدا وأعجبوا به وراحوا يلهجون بالثناء والدعاء لصاحب المشروع والآمر بتنفيذه وستضاعف إعجابهم، دعاؤهم كلما رأوا خطوة أخرى من خطواته التي يقطعها بسرعة.
صحيح أن المشروع في مبدئه أزعج بعض الناس وأنا منهم فقد انتزع المشروع مني ثلاث دكاكين وثلاث مخازن ودار سكناي ولقيت من ذلك مشقة بالغة ولكني بعد أن رأيت جدوى المشروع ولمست بنفسي بعض نتائجه الطيبة تبدل سخطي رضا وهانت على نفسي تلك المشقة اعتبرتها مشقة أفراد في سبيل راحة ملايين.
نعم ملايين وليس في الأمر مبالغة فإن ربع مليون حاج كل سنة على الأقل سيوفر لهم هذا المشروع الراحة ويذهب عنهم المشقة بخلاف الراحة التي ستوفر باستمرار للمواطنين جميعاً.
رغم مضي أكثر من ثلث عام 1375 قبل بدء المشروع فقد أنجز شئ كثير.. جرى شق شارع الملك سعود رغم ما اعترضه من صخار وأحجار، وأنشئ رواق كامل مؤقت شرقي المسجد الحرام امتد من الصفا إلى المروة بالمظلات استوعب آلاف الحجاج بالإضافة إلى أعمال الهدم ونقل المواد الواسعة النطاق وما أنشئ من بناء أساسات عميقة متينة لبناء المسجد الجديد.
وما تقرر تنفيذه من المشروع خلال عام 1376ﻫ كما أعلن هو عبارة عن إتمام شارع الملك سعود بحيث يتصل بالشارع للعام من ناحية السوق الصغير وإتمام لتوسعة المسجد الحرام من الناحية الشرقية فقط، وهذا العمل على ضخامته لا يمثل إلا جزء من ذلك المشروع العملاق مشروع توسعة المسجد الحرام.
والحقيقة التي أريد أن أقولها بعد هذه المقدمة الطويلة هي أن الناس أو بعض الناس قد تغير رأيهم أو بعض الناس قد تغير رأيهم في هذا المشروع من سخط إلى رضى ومن ذعر إلى ارتياح واضح هناك إجماع على الإيمان يجدواه وفوائده الجمة على البلاد وسكانها ومجيئه في الوقت المناسب والضرورة الملحة.
هذه هي نتائج المشروع الطيبة إذا نظرنا إليه من الزاوية العامة لصالح المواطنين خاصة والحجاج من جميع أقطار العالم الإسلامي عامة.
أما نتائجه من الزاوية الخاصة أي من زاوية سكان المناطق التي نزع والتي ستنزع ملكيتها فإن المشروع قد اكتسح متاجر ومنازل كثيرة والمنازل تقع في الدرجة الثانية من الأهمية بالنسبة للمتاجر فقد يستطيع الإنسان أن يسكن في أي منطقة من مناطق البلدة ولو في أعلى أو أقصى واد، أما المتاجر فهي عقدة العقد وهي التي لابد أن تكون في شارع ويجب أن تكون حول المسجد الحرام أو قريباً منه وخاصة منها ما يعتمد على الحجاج وهداياهم.
وفي خريطة التوسعة مناطق تجارية من المقرر بناؤها لسد الحاجة الناشئة عن إزالة المناطق التجارية الحالية.
وإذا أرادت الهيئة التنفيذية للمشروع أن تساعد أصحاب المتاجر المنزوعة ملكيتها وتعوضهم عنها دون أن يلحق بهم ضرر فإن في وسعها أن تبادر بإنشاء هذه المناطق التجارية مجندة كل إمكانياتها الفنية والمعمارية بمجرد الانتهاء من الهدم والانتهاء منها خلال الستة الشهور أو السبعة الأولى من هذا العام بحيث تسلم للراغبين فيها قبل شهر رمضان سنة 1376ﻫ على أن تطمئنهم على ذلك من الآن.
هذا ما أرجوه ويرجوه كل مواطن فإن أمر أنواع القلق النفسي هو القلق على مستقبل سبب العيش ووسيلة كفاية من يعول.
ورجاء آخر أتوجه به إلى المواطنين من ملاك العقار هو أن يكونوا رحماء بإخوانهم المستأجرين فلا يستغلوا هذا الظرف الذي أريد به إسعاد المواطنين جميعا ورفاهيتهم لا إسعاد ملاك العقار على حساب إشقاء المستأجرين. فاستغلال حاجة الناس إلى المتاجر والمساكن من قبل الاحتكار المحرم الذي أوعد الله عليه بأشد العقوبة وحذر منه الرسول أبلغ تحذير ونهى عنه الإسلام بأقصى عبارات النهي.
أيها الإخوان من ملاك العقار إن مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى عضو منه تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى – كما يقول عليه الصلاة والسلام فلا تتخذوا من شكوى هذا العضو – أعني المستأجرين – وسيلة للإجهاز عليهم بدلاً من الرحمة بهم وإكرام حاجتهم.
والله المسئول أن يجعلنا جميعا مفاتيح للخير مغاليق للشر.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
معلومات أضافية
- العــدد: 2215
- الزاوية: غير معروف
- تاريخ النشر:
- الصحيفة: البلاد
اترك التعليق
الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.