نستهل حديثنا الثاني بما أخرجه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال "الصيام جنة، فلا يرفث ولا يجهل وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل: إني صائم" وفي الحديث القدسي "كل عمل بن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي ولخلوف فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك".

فاقرأ يا عزيزي القارئ هذا الحديث الجامع مرة بل مرتين لتبصر كيف يكون الصوم وقاية للصائم من الآثام وكيف يصده عن المعاصي والشهوات، اقرأه وتأدب بأدبه وتعلم كيف تتجنب الرفث "الكلام الفاحش" وكيف تقابل من شاتمك وشاجرك اقرأه لترى أن الصوم ليس ترويضاً للنفس على الصبر على المكاره فحسب بل تدريب على مكارم الأخلاق وجميل الخصال.

اقرأه لتعرف كيف استأثر الله علم جزائك عنده فقال "يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي"، "الصيام لي وأنا أجزي به والحسنة بعشر أمثالها".

اقرأه وصم صوماً صحيحاً عن كل شيء لا عن الطعام والشراب فحسب فرب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش، صم عن المعاصي، صم عن الغيبة، صم عن النميمة، صم عن الزور، صم عن الكلام الفارغ.

ولا تنس أيها القارئ أن تنتهز فرصة هذا الشهر الذي تتضاعف فيه الأعمال فتكثر من الطاعات وعمل الخير فقد روى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يكثر فيه من الصدقة والإحسان وتلاوة القرآن والصلاة والذكر وكان أجود ما يكون في رمضان وقد ورد عنه أن الصدقة تطفئ الخطيئة كما تطفئ الماء النار كما روى عن الإمام أحمد -رضي لله عنه- أنه جاءه سائل فدفع إليه رغيفين كان قد أعدهما لفطوره ثم طوى وأصح صائماً.