لا يزال "قراقوش" القائد المصري مظلوماً حتى من أبناء مصر أنفسهم فقد قرأت منذ أيام "فكرة" لعميد الصحافة المصرية - في نظري - الأستاذ مصطفي أمين والتي قال في ختامها تعقيبا على حكم غاشم "لا نريد قراقوش في أي وزارة أو إدارة فقد انتهى عصر كبار القراقيش وعصر صغار القراقيش".

وهذا الاتهام لقراقوش وأحكامه ليس جديداً ولم يأت على لسان أو قلم الأستاذ مصطفي أمين بل كلنا دائما نردد: هذا حكم قراقوش، كلما سمعنا حكماً أو قراراً فيه ظلم أو سخف أو انحراف حتى لصق ذلك كله بقراقوش المظلوم.

والذي أعرفه من قراءتئ للتاريخ أن "قراقوش" هذا هو الأمير بهاء الدين قراقوش أحد عظماء دولة الأيوبيين في مصر ومن النفر القليلين الذين اعتمدت عليهم دولة صلاح الدين الأيوبي في بنائها وناب عن البطل صلاح الدين وابنه العزيز من بعده في حكم الدولة الأيوبية ثم أصبح وصيا على الملك المنصور ابن الملك العزيز الذي بويع بالملك وهو قاصر وكان له أكبر الأثر في صيانة الدولة الأيوبية من عبث الطامعين.

والذي قرأته أيضا منذ عشرين سنة أن "قراقوش" أيضا كان حازماً صارماً قاسياً في سبيل حماية المملكة الأيوبية ولكن بدون ظلم ولا غشم. ولكن خصومة بين هذا القائد المسلم وبين كاتب قبطي يسمى "ابن مماتي" كان معاصرا له وضع كتابا أسماه "الفاشوش في حكم قراقوش"، اختلق فيه من القصص والأحكام ما احتوى على التشنيع والظلم والعبث والسفه والتخبط والشذوذ – بل الفحش أحيانا – رغم أن "قراقوش" هذا كان خصيا.

وذاع هذا الكتاب وشاع بعد وفاة قراقوش في سنة 597 هـ الذي دافع وكافح وجاهد في سبيل دولة الإسلام وحارب الصليبيين بجانب صلاح الدين قاهرهم وأسر في إحدى المعارك.

ونسي الناس بلاء قراقوش ولم يذكروا إلا هذا السخف والظلم الذي رماه به خصمه اللدود "ابن مماتي" وأصبح لا يذكر إلا في مثل وقوع أحكام ظالمة غاشمة فيقال "هذا حكم قراقوش" نسبة إلى قراقوش المفترى عليه.

رحم الله القائد المسلم بهاء الدين قراقوش ولحا الله الأحقاد والخصومات التي تعمل على تزييف الحقائق وتحريف التاريخ.

وأختم كلمتي هذه بالعبارة التقليدية:

"حتى أنت يا أستاذ أمين"..