تلك آثارنا تدل علينا
البحث القيم والتحقيق الدقيق الذي قام به معالي الصديق الأستاذ عبد العزيز الرفاعي عن موضع (خيمتي أم معبد) بين مكة والمدينة إذ استضافت فيهما أم معبد رسول الله - عليه الصلاة والسلام - ورفيقه الصديق - رضي الله عنه - ودليلهما إلى المدينة يوم الهجرة المباركة.
هذا البحث والتحقيق ذكراني بما ينتظر الكثير من الآثار الإسلامية من الضياع والإجهال نتيجة لهذا الإهمال الذي أصبحنا نوليه تلك الآثار بحجة أن الاعتناء بها وضبط مواقعها سيدفع النفس للتبرك أو التوسل بها وتأثير ذلك على العقيدة.
إلى وقت قريب كنا نعرف موقع البيعة التي نزل فيها قرآن يتلى على مر العصور "لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة" وموقع دار الأرقم بن الأرقم أول مدرسة في الإسلام لتعليم القرآن وعبادة الله وحده.
وقد أزيل هذان الأثران دون ترك أي إشارة عنهما وسيأتي الجيل الذي بعدنا ليسأل أين كانا؟! وكيف ضاعا؟ ولحق بهما دار أبي سفيان ومنزل رسول الله، ومولد على ومولد الرسول، ومسجد البيعة وغار حراء وغار ثور في طريقها إلى الاندثار – والاجتهال.
ونستطيع أن نقول أن أولادنا الآن لا يعرفون عنها شيئا أما أولادهم فسيضطرون إلى البحث والتحقيق والسؤال والتنقيب كما فعل الصديق الرفاعي حتى استطاع أن يصل إلى معرفة المعالم التي كانت على طريق الهجرة فعرف بعضها وتعذر عليه معرفة الباقي.
إننا نأمل في دائرة الآثار أن تعني باستلام هذه المواقع الأثرية التي هي في نظرنا أهم بكثير من غيرها والبحث عن المفقود منها كما فعل الأستاذ الرفاعي والاعتناء بها وتسهيل الوصول إليها وزيارتها لا للعبادة ولكن للذكرى ذكر رجال الإسلام الأوائل وأعمالهم وتضحياتهم وجهادهم لنظل دائما نهتف ونفاخر مع الفرزدق:
أولئك آبائي فجئني بمثلهم إذا جمعتنا يا جرير المجامع
ونتعلم ونتبع الخطى ونسير على الآثار ونستعيد تلك الأمجاد ونلقن أبناءنا تلك الأخلاق والآداب التي بها استطاع الإسلام أن يسود الدنيا وأن يصبح المسلمون قادة العالم في العلم والحضارة في الطب والفلك في الرياضيات والجغرافيا.
إننا نأمل من دائرة الآثار عندنا أن تبحث وتحقق موقع غزوة بدر وموقع غزوة أحد وموقع غزوة الخندق وجميع المواقع لمعارك الإسلام الفاصلة في المملكة مع تعليمها وتحديد مواقعها والكتابة عليها بما يحقق ضمان معرفتها عبر العصور القادمة ونحميها من الاندثار.
معلومات أضافية
- العــدد: 99
- الزاوية: كل اسبوع
- تاريخ النشر:
- الصحيفة: عكاظ
اترك التعليق
الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.