فكرة توحيد الصحف السعودية لتقويتها والنهوض بها وإنقاذها من المستقبل المظلم فكرة نبيلة تهدف إلى مصلحة الصحافة والوطن معاً غير أن اختلاف مناهج هذه الصحف واتجاهاتها وأوضاعها جعل مهمة هذا التوحيد صعبة جداً وقد يترتب عليها من الضرر الفادح ما لا يستحقه رواد الصحافة في بلادنا ممن رضوا أن يمشوا على الشوك وأن يعيشوا على الحشف وأن يقتحموا المجهول كى يعبروا الطريق أمام الأجيال القادمة.

وقد فشلت حتى الآن كل المفاوضات التي جرت بين أصحاب الصحف لدمجها نتيجة للبرامج التي وضعتها كل صحيفة للتطور مستقبلاً واعتبار الدمج هذا نوعاً من وقف هذا التطور الانفرادي وتحويله إلى تطور جماعي قد تختلف فيه الوسائل.

وإذا تعذر تحقيق هذه الفكرة.. فكرة النهوض بمستوى الصحافة السعودية وتطورها بهذه الوسيلة، وسيلة التوحيد فإننا نرى أن في الإمكان تحقيقها بوسيلة أخرى مقاربة.

جميل جداً تساهل مديرية الصحافة في منح رخص إصدار الصحف حتى بلغ عددها ما يكفي حاجة البلاد أو أربى عليها وكان تساهلاً ضرورياً وإجراء سليماً يوم أن كان في البلاد صحيفة أو صحيفتان أما الآن وقد بلغنا الكفاية أو زدنا عنها قليلاً فقد آن الأوان كي يعاد النظر في شروط منح الرخص لإصدار الصحف وسن قانون للمنح بجعل الصحيفة الجديدة أقوى من جميع الموجود وإلا فلا لزوم لإصدار صحف جديدة إذا كانت ستصدر في نفس المستوى الحالي.

ولكن ندفع الصحف الحالية إلى التطور والتنافس والنهوض بالمستوى فإن في إمكان مديرية الصحف تخصيص جائزة مالية سنوية تمنح كل عام للصحيفة التي ترشح نفسها لها وتقرر منحها لها لجنة تحكيم محايدة تشكل لهذا الغرض وعلى اللجنة أن تمنحها للصحيفة التي تسبق زميلاتها خلال السنة في التحسين والتطور وارتفاع المستوى، بهاتين الوسيلتين (في نظرنا على الأقل) قد يمكن الاستغناء عن وسيلة التوحيد في تطوير الصحافة السعودية وتقويتها، وبها أيضاً تعمل على إيجاد تنافس شريف بين الصحفيين السعوديين. يكون فيه البقاء للأصلح؛ وبها أيضاً نكون قد حققنا لرواد الصحافة السعودية الأول شيئاً من الوفاء والعدل فإما أن يسايروا الركب أو ينسحبوا من الميدان من تلقاء أنفسهم وصدق الله العظيم «أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض».