العمالة المهاجرة
من الموضوعات التي أثيرت في مؤتمر الغرف التجارية والصناعية للبلاد العربية الذي عقد بالخرطوم موضوع العمالة المهاجرة قياسا على العقول المهاجرة فقد أثارها عضو من إحدى بلدان الخليج العربي وبحماس صادق وأشار إلى المأساة التي يعيشها العمال العرب في أوروبا والمضايقات التي يلاقونها من بعض الدول الأوربية بالمطالبات التي تثار هناك بين الحين والآخر لإخراجهم رغم الخدمات الكبرى التي قدموها للبلاد المضيفة وقيام بعضهم بأعمال يأنف عمال البلاد نفسها من أدائها.
وتذكرت يومها ما تنشره مجلة الوطن العربي باستمرار عن أحوال هؤلاء العمال.
ومآسيهم ودار النقاش حاميا عن كيفية الاستفادة منهم وخاصة الكفاءات الفنية التي تحتاجها البلاد العربية فتستفيد منهم بلادنا وتنقذ أخوة لنا من هذه المعاملات المهينة التي يعاملون بها في بلاد العرب.
وتشعب النقاش واقترح بعض المتحدثين أن تستعيدهم حكوماتهم لتصدرهم إلى البلدان المحتاجة إليهم. واقترح آخرون أن يطلب من الحكومات العربية تسهيل استقدامهم من مهاجرهم واقترح فريق ثالث إنشاء مكاتب استقدام في البلاد العربية لجلب هؤلاء العمال وتحمس البعض أكثر واقترح المطالبة بقصر الاستقدام للعمالة على العرب فقط من أي مكان ولو بأجور أعلا ومن المهاجرين العرب.
وطلبت الكلام وأثنيت على شعور الأخ العربي الذي طالب باستعادتهم وإنقاذهم وانتشالهم من هذه المجتمعات التي أصبحت تنظر إليهم نظرة كراهية وقدرت حماسة ولكني تساءلت هل تأكدنا من رغبة هؤلاء المهاجرين للعمل خارج الوطن العربي في العودة إلى الوطن أو إلى أي جزء من الأرض العربية؟! وهل عندهم استعداد للتأقلم مع الحياة العربية والاندماج في المجتمعات العربية التي تختلف تماما عن المجتمعات التي يعيشون فيها في أوروبا؟
إننا نلاحظ أن كثيرا ممن يذهبون إلى العالم الخارجي من العرب والمسلمين تخدعهم المدنية الزائفة ويعملون جاهدين ألا يعودوا إلى بلادهم ويطيليون رحلة اغترابهم وإذا عادوا مضطرين أظهروا الاشمئزاز من أوضاع بلادهم وأهليهم وكم سمعنا عن إيثار بعضهم للحياة في تلك المجتمعات لغسل الصحون وخدمة الفنادق والمقاهي وما هو أدنى من ذلك وأعلى على العودة إلى بلادهم بحجة الحرية والانطلاق والانفتاح على العالم.
وتساءلت هل تستطيع العمالة العربية وحدها سد حاجات التنمية الشاملة التي تعيشها البلاد العربية من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها وما تتطلبه عملية التطور اللازمة للنهضة العربية في مختلف المجالات؟
وحذرت من الانسياق وراء العواطف الهوجاء والنعرات العرقية وقلت أن تفضيل العمالة العربية على غيرها أمر محمود ومطلوب متى توفرت وحققت الاكتفاء ذاتيا وذلك – في نظرنا – ما زال يحتاج إلى زمن طويل وعلينا أن نسعى إلى ذلك ما استطعنا إليه سبيلا ولكن بدون رعونة ولا حظر ولا مزيد من القيود والسدود التي قد تعرقل عجلة النمو وربما عادت بأفدح الأضرار.
وبعد مناقشات طويلة انتهى المؤتمر إلى التوصية التالية في هذا الشأن.
العمل على استعادة الأيدي العاملة الفنية المهاجرة ولاسيما تلك المتواجدة في أوربا والتي تواجه مشاكل منذ أواخر العقد المنصرم ودعوة القطاع الخاص إلى إنشاء عدد من مكاتب الاستخدام بهدف استقطاب الأيدي العربية العاملة وتوجهها إلى القطاعات الاقتصادية حسب اختصاصها ووفق الحاجات النوعية والكمية العربية.
وهي توصية – كما تبدو – ليس فيها إلزام بعمل واضح فمن هو الذي سينشئ مكاتب الاستخدام؟ وما هي الحوافز؟ وإذا كانت الحكومات العربية أو بعضها على الأصح نجحت في استعادة علمائها بالإغراء والفرص فما أظن القطاع الخاص قادرا على تقديم شئ من ذلك.
والذي تراه هو إعادة دراسة هذا الموضوع الهام مرة أخرى فالعمال العرب في كثير من دول أوربا يعانون من كراهية بعض الدول والتحايل على إخراجهم ولابد من مشاركة دولهم في استعادتهم بوسائل كريمة وسليمة ومغرية ثم تصدير المستغنى عنهم إلى البلاد العربية الأخرى التي تحتاج إليهم لصيانة كرامة المسلم أو العربي في أي مكان.
معلومات أضافية
- العــدد: 80
- الزاوية: كل اسبوع
- تاريخ النشر:
- الصحيفة: عكاظ
اترك التعليق
الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.