تضليل.. وتخريف
لا أريد أن ألوم الرئيس صدام حسين على ما اقترفت يداه من البغي والإثم في حق الشقيقة الكويت فقد سبقني العالم بأسره من شرقه إلي غربه ومن شماله إلي جنوبه،لا إلي لومه فقط بل إلي تقريعه وردعه بعد أن أخطأ خطأً فادحاً لا في حق الكويت وحدها ولكن في حق القيم والأخلاق والمواثيق والأعراف والقوانين الدولية والدينية والإنسانية..وقبل كل شيء في حق نفسه وشعبه الذي أظهره في صورة سفاح غدار ظامئ إلي النهب والسلب والفجور فقد صمت آذاننا وأدمت قلوبنا وأدمعت عيوننا ما اجتر من جيشه-وأسميه جيشاً تجاوزاً-فليس من أخلاق الجيوش-حتى ولو كانت غازية أن ترتكب مثل ما ارتكب هؤلاء البغاة في حق شعب الكويت الشقيق،الجار المسلم المسالم الذي وقف إلي جانبه في أشد أيام محنته وأسود لياليها الأمر الذي كان فجيعة لا بالنسبة للمسلمين وحدهم أو العرب وحدهم ولكن حتى بالنسبة لليهود والنصارى والمجوس..
أجل لا أريد أن ألوم فاللوم وحدة لا يكفي بالنسبة لعدوان غاشم أريقت فيه الدماء وسلبت الأموال واعتدي على الأنفس والأعراض وأهدرت المبادئ والمثل فلا ضمير ولا خلق ولا وعد ولا عهد ولا ذمة..
ولكني أريد أن ألوم أخوة في بعض الدول العربية أضلهم الله وأعمي أبصارهم واستطاع الرئيس صدام-لا أدري كيف-أن يغويهم ويسلبهم عقولهم ويصور لهم الحق باطلاً والباطل حقاً-ويصرفهم عن قضية العالم الإسلامي قضية عدوانه على جارته الشقيقة الكويت في غفلة من الزمن أوجدها بخداعة لبعض زملائه من الملوك والرؤساء وقادة الدول العربية..ليس عدوانا عاديا على الأرض والحدود ولكنه عدوان تجاوز أشد صور العدوان سواداً والأيام إظلاما أطال الأموال والأعراض..
صرفهم عن هذه القضية حتى أنساهم إياها واشغلهم بقضية أختلقها من بنات أفكاره وأسماها احتلال المقدسات والاعتداء على الشعوب وإقبال الأخطار، ولا شئ من ذلك وقع وجعلهم يحرثون في البحر وينوحون على جنازة رمزية لا وجود لها إلا في خياله المريض..
تلك القضية - أو الخرافة على الأصح- هي احتلال الجيوش الأجنبية لبعض المياه والأراضي العربية في المملكة العربية السعودية فراحوا- وهم قله والحمد لله- يتباكون على اللبن المراق والاحتلال الموهوم وسكتوا عن جميع المحرمات والانتهاكات التي مارسها الرئيس العراقي مما لا يقره عقل ولا خلق ولا دين..
والأدهى والأمر هو انجراف بعض أفراد قلائل من شعوب تلك الدول القليلة خلف حكامهم المغرر بهم ممن صدقوا الخرافة أو الملهاة التي أراد بها الرئيس العراقي صرف الناس عن القضية الأساسية..
إن جميع الأنظمة الدولية التي تحكم منظمات العالم-بل أن دين الإسلام نفسه وهو خير الأديان والدستور السماوي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه يجيز الاستعانة بالدول الصديقة ضد العدوان الغاشم فكيف بالغزو الهمجي..
ولم تلجأ المملكة العربية السعودية إلي الاستعانة بالدول الصديقة إلا بعد الإحساس بالخطر الذى يهدد أمن البلاد والمواطنين – والسعيد من اتعظ بغيره – فلم يعد من الإسلام ولا من مبادئ أي دين سماوي الوقوف مكتوفة اليدين وانتظار ما يبيته هذا الرئيس الذي أقام الدليل القاطع على غدره وعدم وفائه بالعقود والعهود ولا الوعود مضافاً إلى ذلك بوادر الحشود العسكرية الضخمة على حدود المملكة حشوداً بشرية وآلية كونت وجمعت من أموال الكويت وأموال المملكة لتستغل ضد هذين البلدين وما جاورهما من البلدان والدول المحبة للسلام..
نعم غرر بهم فراحوا يهتفون بما لا يعرفون وينعقون بما لا يفهمون بعد أن نصب نفسه حاميا لحمي المقدسات الإسلامية- والإسلام ومقدساته بريئة من أفعاله وأقواله- ضاربا على الوتر الأرن مستفزاً أحاسيسهم الدينية موهما إياهم أن في ذلك عدوانا واحتلالاً للمقدسات مستغلاً جهلهم بالجغرافيا للحدود بين المملكة والعراق والكويت والخليج العربي. جاءت قوات الدول الصديقة والشقيقة لمساندة بلدنا الحبيب ضد أي عدوان أثيم من عدو لئيم تقف على مسافة تزيد على ألف وخمسمائة كيلوا متراً من مقدسات الإسلام..
وإذا نجح هذا المضلل في تضليل تلك الفئة والشعوب العربية بحكم جهلهم بالجغرافيا فإننا نعجب أشد العجب من قدرته على إقناع الحكام رغم ما أوتوا من ثقافة ومعرفة بالمملكة وزياراتهم لها مراراً وتكراراً فنشأ على ذلك هذا الضلال في عقول البعض من أفراد تلك الشعوب ثقة في حكامهم وصدق الله العظيم إذ يقول:(إنها لا تعمي الأبصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور).
فيا شعوبنا العربية والإسلامية..احذروا المضللين فمقدساتكم في حفظ الله أولاً وفي أيد أمينة لم تتخذ ما اتخذته إلا من أجل حماية هذه المقدسات من البغي والعدوان وصيانتهما من عبث العابثين وأطماع الحاقدين والحاسدين..
معلومات أضافية
- العــدد: 20
- الزاوية: كل اسبوع
- تاريخ النشر:
- الصحيفة: الندوة
اترك التعليق
الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.