العمل.. والأجانب...
والإجراءات التي تتخذها مكاتب العمل لتشغيل العامل السعودي بمحاولة إخلاء الجولة.. إجراءات تعتمد على الدراسات النظرية والنظم المقتبسة من مجتمعات غير مجتمعنا.
مازال جميع الذين يحاولون معالجة قضية العامل السعودي يعمدون إلى معالجتها بأساليب سطحية دون أن يكلفوا أنفسهم التعمق إلى جذور القضية ليكون العلاج على أساس واقعي وبعيد عن العواطف..
فاستعداء مكاتب العمل ودوائر الجوازات.. والمطالبة بتدخل الدولة لفرض العامل السعودي.. على المواطن السعودي كلها علاجات سطحية لا يمكن أن تصل إلى غور المشكلة فتستأصلها من الجذور.
والذين يتحدثون عن هذه المشكلة واحد من اثنين.. إما عاطفي ينظر إلى المسألة من زاوية وجوب العطف على العامل السعودي وتشغيله بحكم أولويته عن غير السعودي دون أي اعتبار لمصلحة الطرف الثاني في المشكلة وهو صاحب العمل، أو مصلحة الإنتاج وتكاليفه والتي تعتبر مصلحة عامة..
وأما بعيد عن محيط العمل والعمال والإنتاج ويرى أن من الوطنية تقديم العامل السعودي على غيره مهما كان الثمن، ومهما كانت الملابسات..
والذي يسترعى الانتباه أن واحداً من هؤلاء الذين أقرأ لهم لم يحاول أن يبحث ويدرس الأسباب التي تدعو أصحاب الأعمال لتفضيل العامل الأجنبي على العامل السعودي ثم يدعو لمعالجتها وإزالتها بدلاً من الاستعداء والإثارة.. حتى مكاتب العمل لم تحاول القيام بدراسة وافية عن هذه الأسباب وترسم الخطة المضمونة لإزالتها بدلاً من هذا الذي تفعله الآن من فرض العامل السعودي فرضاً ومضايقة العامل غير السعودي بصورة سوف ينتج عنها حتماً استمرار العامل السعودي في الاعتماد على سعوديته كمؤهل كاف لتقديمه عن سواه دون أي تفكير في محاولة لتطوير كفاءته أو تنمية معلوماته، وبالتالي خلق لروح الكراهية بين طبقتين من طبقات الشعب لا غنى لكل منهما عن الأخرى..
والإجراءات التي تتخذها مكاتب العمل لتشغيل العامل السعودي بمحاولة إخلاء الجولة.. إجراءات تعتمد على الدراسات النظرية والنظم المقتبسة من مجتمعات غير مجتمعنا، ويزيد المشكلة تعقيداً – ولا أقول الطين بلة – المستشارون والخبراء الذين يوصون بتطبيق أنظمة بلادهم وقوانينها على بلادنا دون أي اعتبار للفوارق..
والحل الصحيح – في رأيي – لهذه المشكلة بحيث تتيح للعامل السعودي فرصة العمل الكريم العزيز فليؤثره صاحب العمل على غيره دون محاربة غير السعوديين ومطاردتهم بل دفعهم إلى مغادرة البلاد من تلقاء أنفسهم بحثاً عن العمل في بلد أخر.. لكي نصل إلى هذه النتيجة الطيبة ينبغي أن تدرس المشكلة على ضوء واقع بلادنا ومدى كفاءة عماله، ومدى حاجته إلى الكفاءة المستوردة، والمشاكل التي يلاقيها العمال، والمشاكل التي يصادفها أصحاب الأعمال وهل يمكن تطوير العامل السعودي بحيث ينافس العامل الأجنبي ويضطره للانسحاب؟! وما هي الوسائل إلى ذلك؟!
كل هذا ينبغي دراسته من خبراء ممارسين يعيشون في محيط العمل والعمال فيعرفون كل المشاكل عن كثب فمن المعروف في مجتمعنا أن من يحمل الشهادة الابتدائية لن يرضى بغير وظيفة حكومية أو كتابية أو مراسلة أو فراشة إذا كان متواضعاً، ولا ينخرط في سلك الأعمال الأخرى إلا من كان دون الابتدائية أو من حملتها من محدودي الذكاء، بينما يجد صاحب العمل من العمال الأجانب من يحمل الكفاءة أو التوجيهية الأذكياء، وأثر هذا الفارق على الإنتاج من ناحية وعلى آلات الإنتاج من ناحية أخرى.. أثر كبير جداً لا يدرك خطره إلا مجرب للحالين.
وأستميح معالي وزير العمل في اقتراح الهيئة التي يمكن أن تقوم بهذه الدراسة وتخرج بالنتيجة الطيبة فأقترح أن تؤلف في كل من مكة والرياض وجدة والمدينة والخبر.. هيئة من مدير مكتب العمل ومندوب من المجلس البلدي ومندوب من أمانة العاصمة أو البلدية ومندوبين تختارهما الغرفة التجارية من أصحاب المصانع لإجراء هذه الدراسة واقتراح الحلول، ثم تجتمع هذه الهيئات في مؤتمر عام في مكة أو الرياض أو جدة للاشتراك في دراسة تقارير الخمس الهيئات والخروج بقرار موحد يضمن مصلحة العامل وصاحب العمل والإنتاج إذ أن مراعاة إحدى المصالح الثلاثة دون غيرها يضر المصلحتين الأخرتين.
صحافة المؤسسات..
مازلت متحرجاً في الكلام عن صحافة المؤسسات باعتباري من صحفيي العهد السابق ولكن كلمة صادقة صريحة نشرتها جريدة المدينة للأستاذ خالد القبلان دفعتني لهذه الكلمة الموجزة..
يقول الأستاذ القبلان: لقد لاحظت كما لاحظ الكثيرون منذ قيام صحافة المؤسسات اختفاء عين الرقابة والتقويم – أعنى النقد – وعدم مواجهة مشاكلنا الاجتماعية ومعالجتها بروح الإخلاص الصادق والإنصاف العاري من التملق والرياء..
وبعد ملاحظات عدة قال:
ولعلنا نخلص من كل ما سبق إلى أن صحافتنا في عهدها الجديد التزمت الفرع وتركت الأصل وتطورت في جوانب لا تسمن ولا تغنى من جوع..
والذي يستحق التعليق في كلمة الأستاذ القبلان هو أنه قال في معرض كلامه أنه مضى على صحافة المؤسسة ما يقرب من الستة الشهور والصحيح أنه مضى ما يقرب من التسعة شهور ولعل الكلمة كتبت من زمن بعيد ولكنها لم تنشر إلا الآن.
تلك واحدة أما الثانية وهي الأهم فهي أن العقدة المسيطرة على عقول بعض القائمين على صحافة اليوم وخاصة ممن لا علاقة لهم بالصحافة من قبل هي أن الهدف من تحويل الصحافة إلى مؤسسات هو تعديل النقد والتوجيه إلا آلات تعزف ألحان المديح، وطبول تضرب دقات الإطراء وتجعل من الحبة قبة..
طبع المقررات المدرسية:
خطوة طيبة وإحساس كريم هذا الذي فكرت فيه وزارة المعارف بمحاولة طبع المقررات المدرسية داخل المملكة تشجيعاً لصناعة الطباعة عندنا وتطويراً لها وأخذاً بيد الضعيف منها إلى القوة وسعة الإمكانيات..
لقد طافت اللجنة المختصة بجميع مطابع المملكة تدرس إمكانياتها تمهيداً لتنفيذ الفكرة، وإذا جاز لنا أن ندلى برأينا في هذا الأمر فإننا نود أن نلفت الانتباه إلى أن المناقصات لم تأت بخير قط وكثيراً ما اضطر المتناقصون إلى إعطاء عطاءات تعود عليهم بالخسارة، وذلك تحت تأثير التنافس والتصارع، كما أنه كثيراً ما جاءت المناقصات بنتائج غير مرضية بالنسبة للإنتاج..
والأسلوب الأسلم والطريقة المثلى للجمع بين المصالح الثلاثة.. مصلحة المطابع كصناعة محلية ومصلحة الدولة كجهة منفقة، ومصلحة الإنتاج الذي ينبغي ألا يقل عن مستوى الإنتاج الخارجي..
هذا الأسلوب هو تقدير تكليف الطبع على أساس الملزمة ونوع الحروف ونوع الورق ونوع الغلاف وعدد الطبعة إلخ..
ثم توزيع المقررات المدرسية على المطابع المحلية على أساس هذه الأسعار وأساس إمكانياتها المدروسة بحيث يجب عليها أن تفرغ مما عهد إليها به قبل شهر على الأقل من بدء السنة الدراسية، ثم ما زاد عن طاقة المطابع المحلية يطرح بالمناقصة للطبع في الخارج وأنا واثق أنه خلال ثلاث سنوات فقط ستتمكن مطابع المملكة من تقوية إمكانياتها وتطوير وسائل عملها واستكمال نواقصها بحيث يجرى طبع جميع المقررات المدرسية في الداخل..
أما طريقة المناقصات فإنها لا تشجع مطلقاً على التطوير والاستكمال لعدم ضمان العمل في المستقبل..
هذا ما وددت أن أدلى به في هذه المناسبة وأرجو أن يكون محل درس اللجنة الخاصة والمسئولين في وزارة المعارف عن طبع المقررات والله الملهم للصواب.
معلومات أضافية
- العــدد: 45
- الزاوية: اكثر من فكرة
- تاريخ النشر: 3/8/1384ﻫ
- الصحيفة: عكاظ
اترك التعليق
الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.