سوق عكاظ_ذبح الهدي وحجاج البر
«القول اليسر: في جواز ذبح الهدي قبل يوم النحر» عنوان رسالة قيمة أصدارها فضيلة الشيخ عبد الله بن منيع عضو دار الإفتاء السعودية وقد ضمنها بحثاً ممتعاً ودراسة شاملة لأحكام ذبح الهدي مدعماً بالأسانيد والأدلة من كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- وصح به النقل عن بعض الصحابة ومخرجاً من المشكلة الأبدية التي نعانى منها كل عام مشكلة الأضاحي ولحومها وما ينشأ عنها من أذى وقرف وسوء سمعة.
لقد تضمنت الرسالة استعراضاً لأقوال فقهاء المذاهب الأربعة في حكم وقت وجوب ووقت جواز ذبح الهدي وأدلتهم والأهداف التشريعية من الذبح والخلوص إلى النتائج التالية:
1- التقرب إلى الله وإطعام المساكين والفقراء هما الهدفان الأساسيان لتشريع نسك الذبح فإذا لم يتحقق الهدفان أو تحقق أحدهما ولم يتحقق الآخر لم يجز الهدى والذبح يوم النحر وأيام التشريق – حالياً – لا يتحقق به هدف الإطعام إن لم يكن كله فكثير منه.
2- إن تحديد يوم النحر وأيام التشريق لنحر الهدى ليس فيه نص من كتاب أو سنة أو إجماع بل كان موضع خلاف بين الفقهاء ولم يكن أكثر من القول المشهور لديهم فأفتوا به والفتوى تختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والأحوال والعوائد وتلك قاعدة من قواعد الإسلام بل ميزة من مميزاته على سائر الأديان.
3- للأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد قول في جواز ذبح هدي التمتع قبل يوم النحر أى بعد التحلل من العمرة، والاعتقاد بأن الذبح لا يجوز إلا في منى خطأ لأنه جائز في مكة بإجماع الفقهاء.
4- الدعوة إلى الأخذ بفكرة تجزئة الذبح بين مكة ومنى ابتداء من الفراغ من العمرة كحل لمشكلة تكدس اللحوم في منى يوم النحر وأيام التشريق ودفعاً للأضرار الناتجة عن ذلك وتمكيناً من تحقيق أهداف التشريع في أكل لحم الهدى وإطعامه، واستغناء عن فكرة تعدد المجازر في منى والتي ستزيد الطين بلة وتعمم الضرر وتضاعف الخدمات.
هذا هو موجز البحث القيم والفتوى الشرعية التي تضمنتها الرسالة، وأنا لا أدرى ما هي حجة أولئك الذين يتبادرون في كل عام للوقوف بالمسجد الحرام يخطبون في الناس ويحرضونهم على تأخير ذبح الهدى إلى يوم النحر في منى أحياناً بحجة أن ذلك هو الأفضل وأحياناً أخرى بالإصرار على عدم جواز الذبح قبل ذلك.
إن هؤلاء الخطباء – في نظري – هم السبب المباشر لهذه المشكلة الخانقة التي تضاعفت في السنوات الأخيرة فقد كان كثير من الحجاج ينحرون هديهم بمكة بمجرد التحلل من العمرة، غير أن هذه الظاهرة التي فشت مؤخراً وهي قيام بعض الخطباء – بمناسبة وبغير مناسبة – بتحريض الحجاج على عدم الذبح بمكة وتأجيله إلى يوم النحر بمنى والفتوى بعدم جواز الذبح بمكة قبل الحج.. هذه الظاهرة حالت بين الاستفادة من لحوم الهدايا والأضاحي وإهدارها في منى على صورة تتنافي مع مقاصد التشريع وتسئ إلى سمعة الإسلام والمسلمين وتنشر أسوأ الأقذار وأنتن الروائح.
مرة أخرى أرجو – ويرجو معي كل مخلص لدينه وبلاده – أن يتبنى سماحة المفتى الأكبر هذه الفتوى وتصدر رسماً عن دار الإفتاء ويجند الخطباء والمدرسون للدعوة إليها وينبه على القائلين بخلافها بالصمت فلا أقل من أن يقولوا خيراً أو يصمتوا وأن يجيبوا برأيهم عندما يسألوا لا أن يتصدروا للفتوى دون أن يستفتيهم أحد.
حجاج البر
عندما استرعينا الانتباه في العام الماضي إلى ضرر إنشاء مدينة باسم حجاج البر بمكة سارعت وزارة الحج فنفت أن هناك أي تفكير في إقامة مدينة لحجاج البر وأن المراد إنشاؤه هو محطة لسيارات حجاج البر وقلنا حينئذ: الحمد لله فالمسئولون أكثر منا حرصاً على مصالح البلاد والمواطنين.
وعندما نشرت الصحف عن إضاءة ما سمى بمحطة سيارات حجاج البر وإمداده بالماء قلنا إن السيارات ليست في حاجة إلى إضاءة ولا إلى مياه غزيرة، وما على ركاب السيارات وسائقيها إلا أن يودعوها المحطة ثم يغادروها إلى مكة لتمضية الوقت والسكنى بها أسوة بالحجاج الآخرين.
غير أن هذه الملاحظة لم تجد قبولاً وأضيئت محطة السيارات وزودت بالمياه وتحولت المحطة إلى مدينة فعلاً وسكنها حجاج البر بعد أن توفرت لهم فيها أسباب الراحة التي قلما توفرت لغيرهم من الحجاج الساكنين داخل مكة وخاصة أوضاع المياه.
والآن تنشر الصحف أن في النية استكمال وتحسين أوضاع مدينة حجاج البر التي سميت من قبل محطة سيارات حجاج البر ومعنى الاستكمال والتحسين مزيد من الراحة والمياه والإضاءة والرعاية الصحية على حساب الدولة بينما لا يجد حجاج البحر والجو سكناً منها إلا بثمن.
كما نشرت صحيفة البلاد مؤخراً بتاريخ 29 محرم 1386 خبراً مؤداه أن الإدارة الفنية بوزارة الحج والأوقاف قد أعدت عدداً من الخرائط والرسوم للأرض التي ستضاف إلى المدينة لإمكانية استيعاب أكبر عدد ممكن من حجاج البر.
والمتتبع لإحصائيات حجاج البر خلال السنوات الثلاث الماضية يجد أن عددهم قد قفر قفزة كبيرة إذ تساوى عددهم مع عدد حجاج البحر فيبلغ أكثر من مائة ألف حاج كل ذلك بسبب التسهيلات والمميزات التي يحصل عليها حجاج البر دون غيرهم من حجاج البحر والجو وانصراف الحجاج من البحر والجو إلى الحج البرى ليس في مصلحة البلاد ولا المواطنين بل يضاعف من مصاريف خدمات الدولة لهم والصرف عليها من خزينتها الخاصة.
وإذا كانت حكومتنا تهدف بما تقدمه من خدمات لحجاج بيت الله ورعاية لهم رضا الله وثوابه فإن من أولى أهداف تشجيع السياحة في العالم إنعاش الاقتصاد وتحريك الأسواق وتنمية الدخول الفردية وإفادة المواطنين وحجاج البر بوضعهم الحالي لا يحركون أسواقاً ولا ينمون دخولاً ولا ينعشون اقتصاداً ولا يفيدون إلا بالفتات فمكاتب السفر في بلادهم تستولي على نقودهم وكل مصالحهم ولا تكتفي بذلك بل تشارك المطوفين بالاستيلاء على نصيب الأسد من أجور خدماتهم بالإضافة إلى الأضرار الناجمة عن مزاحمة سياراتهم وخاصة في منى ومزدلفة وعرفات وما تسببه من مشاكل مرورية.
وعلى ذكر سيارات حجاج البر وما تسببه لنا من مشاكل أود أن أؤكد للمتحرجين من منع دخول سياراتهم وتشغيلها داخل المملكة إن المتبع في تركيا وسوريا والأردن منع تشغيل سيارات النقل التابعة لإحداها في دولة أخرى وقد حدثني شاهد عيان عن كيفية تفريغ السيارات السورية لحمولتها من الركاب عند الحدود التركية ليدخلوا تركيا على سيارات تركية والعكس كذلك.
إنني باسم المواطنين على مختلف مصالحهم من الحجاج أرجو من معالي وزير الحج إعادة النظر في التوسع في أعمال مدينة حجاج البر والمساواة بين الحجاج على مختلف وسائل نقلهم ووضع حد لتسلط مكاتب السفر الأجنبية ومندوبيها المرافقين للحجاج على مصالح المواطنين وله منى خالص الدعاء بالتوفيق.
جواب على سؤال
قرأت في عدد عكاظ 5-2-1386ﻫ السؤال الموجه إلى من المطوف الشيخ رشاد صحيلان والذي يسألني فيه عن قصدي في كلمتي المنشورة بعكاظ تحت عنوان «حقوق المطوفين.. وجبل الرحمة» وكلمتي المشار إليها واضحة كل الوضوح ولا أخالها في حاجة إلى شرح أو بيان قصد فما تعودت التلميح فقط فيما أكتب.
أما إن كان سؤال الأخ رشاد عن الربط بين حقوق المطوفين وجبل الرحمة فإنه مجرد عنوان يدل على الكلمتين اللذين شملهما المقال.
معلومات أضافية
- العــدد: 6
- الزاوية: غير معروف
- تاريخ النشر: 11/2/1386ﻫ
- الصحيفة: الندوة
اترك التعليق
الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.