القائمة الرئيسية
بـحـــث
المتواجـــــدون الآن
يوجد حاليا 162 زوار المتواجدين الآن بالموقع
الأحد, 07 أغسطس 2011 22:42

مع الأديب.. والصحفي.. صالح محمد جمال

قييم هذا الموضوع
(0 تقيم)

حديث الذكريات

حوار: خالد تاج سلامة

·            الحق يقال أن الرجل لم يشأ أن يتحدث عن ذاته وعن تاريخ أطوار حياته في الوقت الذي كانت رغبتي هي الغوص في أعماق شخصيته وإن كان في البداية طلب منى التريث.. بيد أنني كنت خلال ذلك ألح عليه في تلبية اللقاء..

ذات يوم وقبل أن أذهب إليه اجتمعت مع أحد أصدقائه الذي طلب منى عدم الإفصاح عن أسمه لديه..!! قال لي.. هل درست شخصيته قبل اللقاء معه.. وهل تعرف تاريخ نشأته وأطوار حياته..

قلت: لقد كان ذلك لأنه من المقتضيات الضرورية التي لابد منها.. حتى تكون الأسئلة ذات واقع وجدية وبعيدة كل البعد عن العاطفة والإطراء والمديح.

قال صديقي: وأعتقد أن هناك قواعد خاصة بالسرد التاريخي للوصول للحقائق دون المساس بالآخرين.

قلت له: هناك محافظة لتلك القواعد كمنهاج قويم بعيد عن الإطراء لأن عناصر التاريخ يجب أن تكون بمنأى عن المشوبات.. وبالتالي فنحن لسنا قويميين أو نقاداً على أفعال الآخرين بقدر ما نحن بصدد نقل سيرتهم وأعمالهم التي قاموا بها.

قال لى: أنك أمام رجل يكره الحديث عن ذاته لأنه يعتقد أن الحديث عن الذات.. يصل بالإنسان إلى تفضيل ذاته عن ذوات الآخرين وبالتالي يصل صاحبها إلى درجة الأنانية الذاتية.. قلت له: وهذا يأتي من أحكام الآخرين على سيرته.. وذاتيته.

وودعت الصديق.. متجهاً إلى دار ضيفنا وأنا أفكر في اللقاء وفي الأسئلة بعد أن جمعت بعض المعلومات عن ضيفنا الذي تحدث من خلال ذلك عن حياته الصحفية وذكرياته مع حراء والندوة.

نتركك عزيزي القارئ مع الأستاذ الكبير والأديب والصحفي.. صالح محمد جمال في الحلقة الثانية من حديث الذكريات:

حياتي الصحفية

·            أستاذ صالح: حدثتنا في الحلقة الأولى عن مراحل أطوار حياتكم وتوقفتم عند نهاية حياتكم الوظيفية.. فهل لكم أن تحدثونا عن حياتكم الصحفية..؟

* مشواري مع الصحافة طويل وقديم جداً فبعد أن أسست وأصدقائي عبد الرزاق بليله ومحمد حسين أصفهاني وأحمد ملائكة وعبد الحليم الصحاف مكتبة الثقافة عام 1364هـ ولتأسيس هذه المكتبة قصة سأحكيها فيما بعد – ساورتني فكرة إصدار صحيفة وتقدمت فعلاً إلى جلالة الملك عبد العزيز رحمه الله، وكان من عملاء المكتبة الشيخ رشدي ملحس رحمه الله وكان نائب رئيس الشعبة السياسية بديوان جلالة الملك فسلمته الطلب وبعد عدة شهور تلقيت منه رداً يقول فيه أنه بعرض الأمر على أنظار جلالة الملك قال جلالته أن ظروف الحرب العالمية حينئذ سببت أزمة في استيراد الورق وأنه يحسن التعاون مع الأستاذ عبد القدوس الأنصاري في تطوير مجلة المنهل والاكتفاء بها وكان ذلك كافياً لوأد الفكرة مؤقتاً..

وعندما أنشئت مديرية الصحافة والنشر برئاسة الصديق الحبيب الأستاذ عبد الله بالخير عاودتني الفكرة مرة أخرى وخاصة عندما سمعت أن الأستاذ أحمد السباعي تقدم بطلب مماثل وأجيب طلبه فتقدمت إلى مديرية الصحافة بطلب امتياز إصدار جريدة حراء الأسبوعية وسرعان ما تلقيت الموافقة على ذلك فسارعت في إصدارها مستعيناً بالصديق الأستاذ محمد حسين أصفهاني مؤسس دار الأصفهاني الشهيرة بجدة الذي أعرب عن استعداد مطابعه بطبع الجريدة واستعنت بأخي أحمد محمد جمال في التحرير وبالأستاذ عبد الله الداري والأستاذ حسن عبد الحي قزاز في التصحيح وبعدد من الكتاب والأدباء في مقدمتهم الأساتذة محمد عمر توفيق ومحمد حسن عواد وحسين عرب وعبد الله عريف ومحمد حسين زيدان وعبد العزيز الرفاعي وشكيب الأموي وأحمد قنديل وأحمد إبراهيم الغزاوي وأنور زعلوك ومحمود عارف وأحمد السباعي وحسين سرحان وأحمد محمد عيسى طاشكندي ومحمد عبد الله مليباري وعبد السلام الساسى وعمر عبد الجبار والدكتور حسنى الطاهر وصدر أول عدد من حراء يوم 6/5/1376هـ وبقيت أسبوعية وتطبع في دار الأصفهاني إلى نهاية شهر شوال عام 1377هـ حيث بدأت يومية وتطبع على مطابع الثقافة التي أنشأتها بمكة لطبع الجريدة وكان الجميع لا يتقاضون مرتبات ولا مكافآت.

نقد.. وتوجيه

·                          قلت له: يلاحظ أن أكثر كتاباتك انتقادية توجيهية فما هي العوامل الأساسية وراء هذا الاتجاه؟!

* قال: في أوائل السبعينيات عرض على الأستاذ عبد الله عريف أن أعمل معه بجريدة البلاد السعودية..

وقد سبقني إليها أخي أحمد محمد جمال كسكرتير للتحرير فاشتغلت بها محاسباً ثم مديراً للإدارة وفي هذه الفترة بدأت أكتب كلمات قصيرة بعنوان أحاديث الناس وبتوقيع «صاد» كنت أتناول فيها بعض النواحي الاجتماعية بالنقد والملاحظة والتوجيه فلقيت كتاباتي تجاوباً وارتياحاً فكانت تلك الفترة دافعاً لي إلى السير في هذا الاتجاه فلم أعن بالبحوث والدراسات وكانت مشاغلي الحياتية مساعداً على ذلك حتى أصبحت أتفاعل مع ملاحظات ومطالب المواطنين وأحس بأحاسيسهم وكان المتبع في تلك الأيام إذا نشرت الصحيفة شيئاً غير مرغوب فيه يبعد رئيس تحريرها منها باعتباره المسئول الأول والوحيد وأبعد الأستاذ عبد الله عريف من رئاسة تحرير جريدة البلاد السعودية فرفع أسمه من الجريدة وأعيدت عليها عبارة قديمة «يحررها نخبة من الشبان» وظل الأستاذ عبد العزيز ساب سكرتير التحرير يومها يشرف على التحرير وأنا أشرف على الإدارة وبعد شهور قليلة نشرت الجريدة شيئاً غير مرغوب فيه أيضاً فأبعد الأستاذ عبد العزيز ساب أيضاً وأصبحت أنا المشرف على التحرير والإدارة من رمضان عام 1375ﻫ حتى نهاية العام حيث عين الأستاذ فؤاد شاكر رئيس للتحرير وبقيت أنا مدير إدارة ولم يعجبني أسلوب الأستاذ فؤاد شاكر رحمه الله في تحرير الجريدة وعندئذ فكرت في إصدار جريدة خاصة بي وتقدمت بطلب الترخيص – كما أسلفت – ثم أصدرت حراء في منتصف عام 1376ﻫ.

خواطر.. وذكريات

·                          الخواطر والذكريات تمنحنا الفرصة لكي نعود إلى الماضي فهل لماضيكم نوع من التأثير في حاضركم؟! وكيف ذلك؟

* ليس من شك في ارتباط ماضي الإنسان بحاضره فالماضي تاريخ فأنا مثلاً لو لم تكن في حياتي مكتبة الثقافة وظللت موظف قضاء لكنت اليوم قاضياً ولم أكن صحفياً ولو لم أترك الوظيفة الحكومية وغير الحكومية لكنت اليوم من ذوى الدخل المحدود ولم لم أداوم على القراءة والمطالعة لظللت في مكاني ذلك الطالب الذي حالت ظروف الحياة بينه وبين التعليم والشهادات التعليمية.

ذكريات.. صحفية

·            قلت له بعد عامين من إصدار جريدة حراء أي في عام 9378هـ صدر قرار دمج الصحف اليومية بعضها في بعض فاندمجت حراء في الندوة الخاصة بالأستاذ أحمد السباعي ثم اشتريتم منه حصته في الامتياز وانفردتم بها فما هي ذكرياتكم الصحفية عن هذه الفترة؟

* قال: بعد إصداري لجريدة حراء وإصدار الأستاذ أحمد السباعي جريدة الندوة تشجع عدد من الشباب لإصدار صحف أخرى وكان في مقدمتهم الأستاذ حسن عبد الحي قزاز الذي أصدر جريدة عرفات والأستاذ محمد سعيد باعشن الذي أصدر جريدة الأضواء والأستاذ عبد الفتاح أبو مدين أصدر جريدة «الرائد» والأستاذ عبد العزيز مؤمنه أصدر جريدة الأسبوع وصدرت في المنطقة الشرقية والوسطى «الإشعاع» و «الظهران» و «الخليج» و  «القصيم» و «اليمامة» بعد احتجاب..

وعلى الرغم من أن مديرية الصحافة والنشر هي التي شجعت على هذه النهضة الصحفية وأنها رجعت وفكرت في التقليل منها فصدر قرار أو على الأصح أمر سام بدمج الصحف على أساس المناطق وكانت صحف المنطقة الغربية أكثر فدمجت حراء والندوة تحت «الندوة» والبلاد السعودية وعرفات تحت اسم «البلاد» وبعد شهور معدودة اختلفت مع الأستاذ السباعي في أسلوب إدارة الجريدة وتحريرها فآثر الأستاذ السباعي أن ينهي الخلاف ببيع حصته منها لى ويتقدم هو بطلب إصدار مجلة جديدة باسم «قريش» حيث أن الدمج لم يشمل المجلات..

أما ذكرياتي عن «حراء» الجريدة فإنها قد ولدت كبيرة ولم يكن في الميدان غيرها إذ كانت جريدة البلاد السعودية تصدر بمكة ولكنها كانت تحرر من جدة حيث كان رئيس تحريرها الأستاذ فؤاد شاكر رحمه الله من سكان جدة ولا يحضر لمكة إلا لماماً وكان يتجنب النقد والملاحظة والتوجيه لما يجره ذلك عليه وعلى الصحيفة من متاعب..

أجل بدأت كبيرة بل قوية لاشتراك عدد من خبرة الكتاب والأدباء في تحريرها وأخذت تعالج مشاكل المواطنين بأسلوب جرئ وصريح..

كانت حراء أول صحيفة سعودية تطبع بلونين أحمر وأسود وأول صحيفة تعنى «بالمانشتات» الصحفية والأحاديث الصحفية والصور..

وبدأت حراء سلسلة من المقالات تحت عنوان «حراء تكتب إلى الوزراء» كان لها دوى وبدأت برسالة إلى صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله الفيصل وزير الداخلية بالعدد «26» بتاريخ 18 شوال 76 عبرت فيها عن ملاحظات وأحاسيس المواطنين وثنت بوزيري المالية والتجارة..

وتلقت حراء من سمو الأمير عبد الله الفيصل كلمة مشجعة قال فيها سموه «أنه ليسرنى جداً أن يوجه نقد معقول إلى وزارة أقوم على رئاستها وأتمنى أن يساعدنا الناس كتاباً وغير كتاب على أداء رسالتنا حتى نصل جميعاً إلى ما نرجوه من تقدم ونهوض».

وأهتم جلالة الملك سعود رحمه الله بالرسالة الثانية الموجهة إلى وزير المالية ووزير التجارة وأذاعت الإذاعة السعودية بياناً جاء فيه أن جلالته أمر أن يعقد في نفس الأسبوع مؤتمر مالى اقتصادي ويشرفه بذاته الكريمة ويستمع بنفسه إلى شكاوى المستوردين ونظريات رجال المالية والمصارف واقتراحات أهل الخبرة لوضع خطة ثابتة ناجحة تضع حداً لهذه الحالة..

وعقد المؤتمر فعلاً برئاسة جلالته واستمع إلى الآراء المختلفة وأمر جلالته بتشكيل لجنة برئاسة سمو الأمير مساعد بن عبد الرحمن لوضع أسس الإصلاح المطلوب للوضع الاقتصادي للبلاد ومعالجة الأزمة الاقتصادية التي تمر بها وأشارت إليها حراء في كلمتها وكنت عضواً في وفد مكة المكرمة إلى المؤتمر وألقيت كلمة عن الحالة الاقتصادية وما يرجى لها من علاج وفي عام 1377ﻫ نشرت حراء مقالات عن فلسطين لأخي أحمد محمد جمال الأول تحت عنوان «متى نقذف اليهود في البحر» والثاني تحت عنوان «كيف ننقذ اللاجئين».. والثالث «سياسة الأمر الواقع في الحل العملي»..

وقد فسرت هذه المقالات على أنها دعوى لتوطين اللاجئين وهي دعوة منكرة طبعاً وأحيلت الجريدة والكاتب إلى سمو الأمير مساعد بن عبد الرحمن رئيس ديوان المظالم حينذاك شخصياً وأكرمنا سموه – جزاه الله خيراً – ودعانا إلى داره العامرة بشهار بالطائف وناقش معنا المقالات وتأكد من أنها فسحت من الرقيب فحكمت بالبراءة كرئيس تحرير وأؤخذ الكاتب والرقيب وكان يومها الأستاذ حمزة محمد بوقري ثم عفي عنهما.. وبعد ثلاثة شهور من هذه الحادثة تقريباً كانت طبخة دمج الصحف قد استوت عند وزارة الإعلام وانطفأت شعلة رائدة في الصحافة السعودية وكان آخر عدد صدر منها بتاريخ 12 رجب 1378ﻫ وبدأت مرحلة جديدة في مهنة المتاعب..

* ومن ذكريات حراء رحلة لا تنسى زاملت فيها الصديقين السيد على حافظ حفظه الله والأستاذ فؤاد شاكر رحمه الله إلى العراق بدعوة من حكومتها في عهد الملك فيصل الثاني ونورى السعيد للمشاركة في احتفالات مجلس الإعمار العراقي بما حققه من خطوات في مجال الإعمار وإنشاء المصانع والسدود التي كان يفتتحها جلالة الملك فيصل، وطفنا مع جلالته مختلف نواحي العراق من بغداد إلى النجف والسليمانية وكركوك والموصل وسرسنك وأربيل والكوفة حيث يوجد موضع بها يقال أنه مهبط سفينة نوح وزرنا آثار بابل وإيوان كسرى وكان جلالته وسمو ولى عهده الأمير عبد الإله رحمهما الله يجلسان مع الوفود ويتحدثان إليهم في بساطة وتواضع وعقب عودتي من العراق نشرت خمس مقالات بحراء عن هذه الرحلة ومشاهداتي بها..

* وكانت حراء عند الدمج تصدر يومية والندوة تصدر ثلاث مرات في الأسبوع فتحولت إلى يومية بعد الدمج وصدر العدد الأول منها بتاريخ 15/7/1378.

* ويتابع الأستاذ صالح جمال الحديث فيقول:

* لماذا..؟! ..لماذا..؟! نحن فقط..!؟

* ومن المؤسف أنها الجريدة الوحيدة التي أبى مجلس إدارة مؤسستها حتى الآن تسجيل اسم مؤسسيها: أحمد سباعي، وصالح محمد جمال فكل الصحف السعودية الأخرى وغير السعودية اعترفت بفضل مؤسسيها وسجلت عليها: أسسها فلان وفلان إلا الندوة رغم مطالبتنا (الأستاذ السباعي وأنا) لمؤسسة مكة للإعلام ولا نعرف لهما عذراً في ذلك إلا إنكار الفضل لأهله.. وسرت روح حراء في الندوة الجديدة وأخذت تعالج الأوضاع الاجتماعية بنفس القوة وبدأت سلسلة مقالات افتتاحية تحت عنوان «ماذا يريد الشعب من الوزارة الجديدة».. ثم أعقبتها بمقالات أخرى بعناوين مختلفة منها «مطلوب الفصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية».

و «حاجتنا إلى نظام أساسي للحكم» و «سياستنا الخارجية» و «مجلس الشورى لابد من تنظيمه وتدعيمه» و «كيف نطور مجلس الشورى» و «اتقوا الله في الموظفين المتقاعدين» و «المنطقة الغربية بوزارة العمل»..

هذه عناوين كلماتي أنا وكانت كلمات الكتاب الآخرين من هذا العيار والعناوين تدل على المحتوى وتعطى فكرة عن صحافة الأفراد وصورة مقارنة بينها وبين صحافة المؤسسات.

معلومات أضافية

  • العــدد: 5596
  • الزاوية: غير معروف
  • تاريخ النشر: 23/9/1402ﻫ
  • الصحيفة: المدينة

اترك التعليق

الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.

المقالات حسب تصنيفات المواضيع

لتحميل المقدمة و العناوين هنا