القائمة الرئيسية
بـحـــث
المتواجـــــدون الآن
يوجد حاليا 168 زوار المتواجدين الآن بالموقع
الأحد, 07 أغسطس 2011 21:59

(2) مهنة التطويف.. وأم المشاكل

قييم هذا الموضوع
(0 تقيم)

قلت في الأسبوع الماضي أن لمشاكل مهنة التطويف ما تهون أمامها كل المشاكل واليوم أقول: أن أم المشاكل هي السمسرة.. نعم هي السمسرة ولا شيء غيرها. بل إن كل ما حل بالمهنة من مصائب ومصاعب هي نتاج هذا الداء الوبيل.

ليس من شك أن مهنة التطويف هي مهنة دينية اجتماعية ولكن هذا لا يمنع أن تكون وسيلة للكسب المشروع وسبيلاً من سبل العيش والكفاح من أجله، ولا ضير من اعتبارها تجارة تخضع للأساليب التجارية المشروعة أيضاً كالدعاية ومحاولة العمل على استزادة الربح ولكن دون تجاوز الحدود.. إذ أن كل ما تجاوز حده انقلب إلى ضده.

لقد كان المطوفون في الماضي يعتمدون في الدعاية وزيادة الكسب على الزيارات الشخصية للحجاج في بلادهم وتقديم الهدايا لهم ثم إحسان معاملتهم هنا وإكرام وفادتهم بحيث يظل اسم المطوف خالداً في العائلة أو البلدة جيلاً بعد جيل فيحافظ الحفيد على السؤال عن مطوف الجد بدافع الوفاء والعرفان بالجميل الذي لقيه جده من المطوف الحالي أو أبيه أو جده.

أما الآن وقد اشتدت وطأة التنافس وحمى وطيس الاحتراب بين المطوفين لاجتلاب أكبر عدد ممكن دون أي اعتبار للنتائج السيئة  التي تترتب على هذا التصرف المجنون من حيث الإساءة إلى الحاج وإلى البلاد والدولة.. أما الآن فقد أصبح المطوف يعتمد على القوة الشرائية وعلى كل ما عدا ذلك العفاء.

وعلى الرغم من محاولة الكثيرين منهم الإصرار على إنكار التعامل بالسمسرة فإن رائحة هذه العملية أصبحت تزكم الأنوف إلى درجة لم يعد معها الإنكار يجدي ولن يقابل إلا بالسخرية وإخراج اللسان إمعاناً في الهزل.

بقى أن نذكر أن هؤلاء المنكرين يفهمون السمسرة هي الاتفاق مع شخص ما أن يجلب له حجاجاً مقابل كذا ولا يعتبرون الاتفاق مع مكاتب السفر في الخارج أو إدارات الحج أو الجمعيات أو السفارات نوعاً من السمسرة ولهذا يصرون على الإنكار مع أنهم يمارسون أخطر أنواع السمسرة تحت شعارات أخرى.

ومنذ سنوات ونحن نحذر إخواننا من هذه اللعبة الخطرة وأثرها على مستقبلهم فكانوا يهزون أكتافهم سخرية بنا واعتقاداً منهم بذكائهم وقدرتهم الفائقة على اكتساح الآخرين حتى عمد أولئك السماسرة من مستوى أعلى إلى العبث بهم والتحكم فيهم وتغييرهم بين حين وآخر وصعدت جماعة الصفر إلى القمة بعد أن رسا العطاء على السعر الأعلى ولم يعد هناك مطوف قديم أو مطوف جديد ما دام السعر الأعلى هو سيد الموقف ورأينا قمماً تهوى إلى القواعد، وقواعد تتحول إلى قمم، وضحية هذه التصرفات هو الحاج ثم سمعة البلاد..

وبينما نحن هنا نناقش: هل الدجاجة من البيضة أو البيضة من الدجاجة بالطريقة البيزنطية لنقرر ما هي السبل إلى القضاء على السمسرة أخذت بعض جمعيات الحج بالخارج وبعض حكومات الحجاج بزمام المبادرة فأخذت تعمل على تنظيم رعاية حجاجها هنا وتملى شروطها على المطوفين وتنتزع منهم لب المصلحة  التي فرضتها لهم الدولة مقابل خدمة الحاج وتترك لهم القشور يتسلون بها ويقزقزونها بين أسنانهم على قاعدة الكثير من القليل تنتج كثيراً.

وجاء تفسير المطوفين لحرية الحاج تفسيراً فضفاضاً وساعدتهم عليه وزارة الحج، ولم يكن القصد من حرية الحاج والفكرة فيه إلا إلغاء التقرير وترك حجاج التقارير أحراراً كغيرهم من الحجاج ولم يقصد منه أصلاً هذه الفوضى والخلط بين الأجناس. أقول هذا وأنا عضو في اللجنة المشتركة  التي وضعت مسودة مشروع قرار حرية الحاج الذي جاء استجابة لنداءات ورغبات تدعو إلى تحرير الحجاج من ربكة التقارير  التي كانت تحول بينهم وبين من يرغبون من مطوفي جنسهم ولم يدر بخلدنا هذا التفسير ولا هذه النتيجة.

جاء هذا التفسير فأفسد كل ما وضع من تنظيم للحد من السمسرة بل ضاعفها فمن المسلم به أن مطوف العرب عندما يرغب استقدام حجاج من الهند أو جاوي لن يستطيع ذلك إلا بواسطة السمسرة ومثله مطوف الهنود أو الجاويين.

ويخيل لبعض المطوفين أنهم إذا اتفقوا مع جمعية أو جهة على إسكان الحاج بمكة بخمسين ريالاً مثلاً والتزموا بذلك يكونوا صادقين إذا حلفوا أنهم لم يعملوا بالسمسرة مع أنها لعبة مكشوفة إذ أنهم يكملون أجرة السكن من مصحلتهم الخاصة وإلا فأين هو السكن غير المريح القريب من المسجد الحرام – كما تفرض ظروف الحاج – بهذا الأجر الزهيد فضلاً عن السكن المريح..

مرة أخرى يكون الضحية هو الحاج وسمعة البلاد والسخط والنقد على جميع المطوفين وأعمالهم تنشره الصحف في الخارج ويتقدم به الحجاج إلى الحكومة.

وفي الأسبوع القادم سنتحدث عن السمسرة وكيف نشأت؟ ثم تطورت؟ ومن هم ضحاياها؟ الحجاج؟ المطوفون؟ الوكلاء؟ الزمازمة؟ الإدلاء؟

فإلى اللقاء والله من وراء القصد.

معلومات أضافية

  • العــدد: 22
  • الزاوية: كل خميس
  • تاريخ النشر:
  • الصحيفة: المدينة

اترك التعليق

الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.

المقالات حسب تصنيفات المواضيع

لتحميل المقدمة و العناوين هنا