لقد فجعت ضحى ذلك الخميس وأنا أقرأ جريدة الشرق الأوسط في نفس اليوم بمدينة مانشستر من المدن الكبرى في بريطانيا بنبأ وفاة أستاذي أحمد السباعي لإحساسي بالخسارة الكبرى التي منيت بها بلدي بفقد هذا الرائد من روادها والعلم من أعلامها.

وأنا عندما أقول أستاذي لا أقصد أستاذي كلمة المجاملة التي تعود الناس عليها ولكنها الحقيقة فقد كان الأستاذ السباعي – رحمة الله عليه – مدرسي الهجاء والمطالعة وغيرها في المرحلة التحضيرية بمدرسة الصفا ثم تتلمذت عليه بقراءة مقالاته ومؤلفاته.

ويرجع إعجابي بالأستاذ السباعي بل حبي له إلى صباي يوم كنت أضع على رأسي تلك الطاقية المنشاة وعلى رقبتي ذلك الإحرام المطبق لباس الأدباء والمتأدبين في أوائل الخمسينات وأحرص على حضور ا لحفلات العامة على قلتها يومذاك كحفلات مدارس النجاح الليلية التي كان يقيمها أستاذي الشيخ عبدالله خوجه -أمد الله في حياته– أو حفلات من يفتتحون شارعاً أو مشروعاً فكنت أرى الأستاذ السباعي يقف في الحفل بقامته المديدة ويلقي كلمته إرتجالاً ويبدع في إختيار الألفاظ وتنسيق الجمل بينما يقف جميع الخطباء يلقون كلماتهم من أوراق مكتوبة وبعضهم لا يحسن الإلقاء فأطرب لخطبة الأستاذ السباعي وأعجب بها وما زلت حتى الآن أطرب للكلمات المرتجلة وأغبط من يحسنون الإرتجال وأتمنى أن أستطيع ذلك.

لا أريد أن آتي على تاريخ الأستاذ السباعي فهو علم من أعلام المملكة لا أعتقد أن أحدا يجهل ما قدمه هذا الكاتب الأديب للثقافة والصحافة والأدب وجهاده في هذا المجال ومحاولاته دائماً للإتيان بالجديد.

ولكني أكتفي بالإشارة إلى الخلق الرفيع والأدب الجم الذي كان يتمتع به الفقيد إلى درجة أنني لم أسمع أنه أساء إلى أحد قط وقد تعاملت معه وعايشته أكثر من ثلاثين سنة كنت أتلقى منه أثناءها كثيراًَ من دروس الحلم والأناة وطول البال ومقابلة الإساءة بالإحسان والطيب من القول.

حقاً ما مات من خلف ولقد خلف لنا الأستاذ السباعي سباعيين هما ابنيه أسامة وزهير من خيرة شباب المملكة وأبنائها البررة وأكثر من عشرين كتابا يخلد بهم ذكره.

ولئن فاتتني التعزية والعزاء فيه إذ كنت يوم وفاته خارج المملكة فإنني أسأل الله أن يسكنه فسيح جناته وعزائي الجميل لأسرته بل أسرة الصحافة والأدب في بلادي ونفسي.