من الملحوظ بوضوح أن الأوضاع العمالية من حيث الخدمة والجودة والأخلاق والنظافة قد تردت جدا في السنوات الأخيرة بعد أن اختفت العناصر العربية أو كادت وطغت عناصر أخرى من هنا وهناك وخصوصا في قطاعات التعمير والإنشاء فأصبح كل من لاقيت يشكو دهره من سوء البياض والسباكة والكهرباء والدهان ومن يدري قد يظهر هناك سوء على المدى المتوسط والطويل في نفس البناء والأساسات وأصبحت هذه المهمة في أيدي من يدعونها ولا يحسنوها وليس هناك ضوابط فمكاتب تصدير العمال هناك وتوريدهم هنا يقذفوننا بالآلاف المؤلفة منهم بمختلف الوسائل الشريفة وغير الشريفة والعمال أنفسهم يتهافتون على المجيء إلى هنا بأي وسيلة وبأي ثمن وباسم أي عمل يعرفونه أولا يعرفونه.. المهم أن يضع رجله هنا وبعدها يخلق الله ما لا يعلمون وتبدأ المشاكل بعد أن تكون قد طارت الطيور بأرزاقها وأصبحنا أمام الأمر الواقع.

والجرائم الأخلاقية وغير الأخلاقية تتزايد في مجتمعنا وأبطالها جلهم إن لم يكن كلهم من بين هذه الطبقات المستوردة بغير حساب وأجهزة الدولة تعاني من ذلك الأمرين والمجتمع نفسه يئن تحت وطأة هذه المشكلة والكل يخوض فيها باحثا عن حل ولكن دون جدوى.

وفي اعتقادي أن العمالة عندما كانت السيطرة لها في بلادنا للعرب كان الوضع أفضل وأحسن ولم تتطور هذا التطور المروع إلا بعد أن تحولنا إلى غيرهم تحت وطأة الطلب الكثير أمام العدد القليل فرحنا نجوب أقطار الأرض فأمطرها سماؤها بهذا الوابل الذي كاد أن يعمي أبصارنا عن الحقائق.

والآن قد بدأت حملات وهجمات عنيفة ضد العمال العرب في مهاجرهم في الكثير من دول أوروبا وأمريكا وأخذوا أيضا يضايقونهم طلبا لرحيلهم وأكثرهم لا يريدون العودة إلى أوطانهم الأصلية لقلة الأعمال بها وحاجتهم إلى العمل بالخارج لتأمين معاشهم رغم ما يعانونه في هذه المهاجر من شظف العيش والبطالة.

فلماذا لا يجرى التنسيق بين دوائر العمل والاستقدام ورجال الصناعة والأعمال في بلادنا للاستفادة من هذه الكفاءات العربية المهاجرة التي اكتسبت خبرات في مجالات العمل المختلفة لاستقدام هؤلاء العرب من مهاجرهم بعد أن أصبحوا يشعرون بالمضايقات التي يعانونها.

إنه مجرد اقتراح أضعه تحت نظر اللجنة العليا للقوى العاملة عندنا لعله يكون صالحاً للدراسة والمناقشة في سبيل تطوير العمالة في بلادنا وتنقيتها من الشوائب ورفع مستواها الذي نخشى أن يصل إلى الحضيض وأن يؤثر تأثيراً أسوأ على أوضاعنا الاجتماعية في المستقبل.