بشري سارة.. نستعجلها
ليس من شك في أن الربا بجميع أنواعه حرام لا يفتي بجوازه أحد إذ لا اجتهاد مع النص والقرآن الكريم والسنة النبوية أجمعا علي هذا التحريم ولكن النقاش يدور دائماً حول بعض المعاملات البنكية والتجارية هل هي من الربا؟ أم أنها معاملات جديدة في حاجة إلي عرض جديد على أحكام الشرع لأن باب الاجتهاد مازال مفتوحاً فيما لا نص فيه؟ ومن هذه الناحية كان ومازال بعض علماء الإسلام يخوضون ويناقشون.
ومن الذين خاضوا في هذا الأمر وناقشوه بتوسع الشيخ محمد رشيد رضا والأستاذ السنهوري من فقهاء مصر وعلمائها والدكتور محمد معروف الدواليبي علماء سوريا وفقهائها وآخرون كثيرون في الماضي والحاضر ولا أتصور أن أحداً منهم يفكر أو يجيز إباحة ما حرم الله ولكنهم يجتهدون في إخراج هذه الصور من المعاملات الحديثة عن صور ربا الجاهلية الذي حرمه الإسلام تحريماً قاطعاً.
ولقد أثار الدكتور إبراهيم عبد الله الناصر المستشار القانوني بمؤسسة النقد العربي السعودي هذه القضية من زاوية موقف الشريعة الإسلامية من المصارف القائمة واستعرض أقوال الفقهاء بين الماضي والحاضر في دراسة مستفيضة وزعها على عدد كبير من الكتاب والباحثين بغية إبداء الرأي والمشاركة في البحث للوصول إلي ما يحقق المصلحة ولا يتعارض مع الشريعة.
وقد عقب عليه كل من سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز ومعالي الأستاذ أحمد صلاح جمجوم ومعالي الشيخ صالح بن عبد الرحمن الحصين وتفضل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز بتزويدي بنسخة من رده ونسخة من رد معالي الشيخ صالح الحصين كما زودني معالي الأستاذ أحمد جمجوم بنسخة من رده.
وكلها ردود موفقة في استعراض وجهات النظر المختلفة وتأكيد على تحريم الربا تحريما ًقاطعاً بأدلة من الكتاب والسنة وأقوال الفقهاء لا مجال للمناقشة فيها.
غير أن الذي استرعي نظري في بعض الردود هو اتهام الباحث بإباحة الربا- هكذا – وكما أسلفت بأنني لا أتصور أن باحثاً مسلماً يقول بإباحة الربا ولكن هذا الباحث وغيره ممن سبق أن خاضوا في هذا الموضوع لم يقل بإباحة الربا وكل ما قالوه هو محاولة إخراج بعض صور المعاملات الحديثة في البنوك من صور الربا المحرم وليس إباحة الربا المحرم قطعاً.
والمبادرة إلي اتهام أي كاتب أو باحث أو مناقش أنه يبيح الربا صورة من الإرهاب الفكري والتخويف ومحاولة قفل باب المناقشة والبحث وهذا – في نظري على الأقل – يخالف منهج الإسلام في الحوار والاقتناع والمناظرة وهذا رب العزة الذي لا يسأل عما يفعل عندما سأله سيدنا إبراهيم (رب أرني كيف تحيي الموتى) أجابه (أو لم تؤمن؟ قال بلي، ولكن ليطمئن قلبي) ولم يرد عليه بإنكار القدرة الآلهية ولكن بأسلوب الحوار الهادئ والوصول به إلي الاقتناع وليس مجرد الإسكات.
ولقد لفت نظري في رد معالي الأستاذ صالح الحصين بشري سارة بأن مؤسسة النقد العربي السعودي قد قامت بجهد مشكور أثمر عن مشروع متكامل لقيام مؤسسة مصرفية إسلامية لا تستخدم الفائدة ووافق عليه مجلس الوزراء ووزارة التجارة وهو على وشك الخروج إلي النور وهي بشارة سارة لكل مسلم في هذا البلد الذي يحرص أهله أن تمضي جميع أعمالهم وفق أحكام الإسلام، نود أن نستعجل مجلس وزرائنا الموقر في إخراج هذا المشروع الهام إلي حيز التنفيذ ليكون قدوة لمشاريع مماثلة تغطي حاجة البلاد وخاصة أن أكثر من بلد مجاور قد أقيم فيه مثل هذا المشروع وظهرت جدواه بل أقيم في بلاد غير إسلامية أيضاً وصادفه النجاح وما أكثر من ينتظرون قيامه في بلادنا القدوة في كل عمل إسلامي والله من وراء القصد.
معلومات أضافية
- العــدد: 67
- الزاوية: كل يوم إثنين
- تاريخ النشر:
- الصحيفة: الندوة
اترك التعليق
الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.