رسالة إلى عدنان خاشقجي
أكتب إليك هذه الرسالة بعد أن انتهيت من قراءة المقالات أو التحقيقات التي أجراها معك الأستاذ أحمد الجار الله الصحفي الكويتي ونشرت بصحيفة الهدف الكويتية والتي لمست في بعض إجاباتك الروح الإيمانية التي تشع في نفوس أبناء هذه البلاد مهما ابتعدوا عنها.
أكتب لك ولا ألومك عندما عبرت في أحاديثك أنك تؤمن بالاستمتاع بالحياة ما أتيح لك الاستمتاع – في حدود الأخلاق وداخل سياج الدين – ما دامت قادرا وإلا فما قيمة الثراء والمال إذا كان لا يحقق لصاحبه السعادة. فالحديث النبوي الشريف يقول: "إن الله يحب أن يرى آثار نعمته على عبده" وقبل ذلك قال المؤمنون من قوم قارون لقارون: ولا تنس نصيبك من الدنيا. ولكنهم لم يقفوا عند هذه العبارة بل أضافوا إليها "وأحسن كما أحسن الله إليك" وما أكثر التوجيهات القرآنية والأحاديث النبوية التي تحث المؤمن على عمل الخير وعدم الانغماس في النعيم ونسيان الفقراء والمحرومين وما أكثرهم في هذه الدنيا.
لا أريدك أن تدافع عن نفسك فتقول لي: إنني أعمل خيرات كثيرات ولكن ليس بالضرورة أن تدري أنت عنها ولا غيرك فأقول لك أنه على الرغم من الحث على سرية الإنفاق في الخير فإن هناك توجيها إلهيا يقول: «إن تبدوا الصدقات فنعما هي» فهل تدري لماذا؟
إن الإعلان عن أعمال الخير أسلوب من أساليب الحث عليه وتذكير للآخرين وقدوة للصالحين وهو في الوقت نفسه إحياء لذكر فاعل الخير ومجلبة للدعاء له في الحياة وبعد الممات فلا يذكر هذا الإنسان إلا وقال الناس: جزاه الله خيرا.. إن كان حيا أو رحمه الله إن كان ميتا ومن منا لا يحتاج إلى مثل هذه الدعوة بظهر الغيب.
لا أدري هل تعرف ماذا عمل أبوك الدكتور محمد الخاشقجي – تغمده الله برحماته – لبلده أم أنك كنت يومها صغيرا.
لقد كان أبوك من أول الأطباء السعوديين الذين قدموا لبلدهم أجل الخدمات في مجال الطب وأول من أسس مركزا للكشف والعلاج بالأشعة في مكة المكرمة وأول أو ثاني من أضاء مكة المكرمة مهد العروبة والإسلام بالكهرباء يوم كنا نعيش على الفوانيس والأتاريك. وخدمات أخرى صحية في وزارة الصحة يذكرها له كل من عاصره ويذكرونه بالخير ولم يقف بجهده الوظيفي فقد شارك في مشروعات التصنيع في بلده وأنشأ شركة الجبس الأهلية التي لا زالت تؤدي دورها في خدمة الوطن.
إنني أريد أن أقرأ اسمك وأعمالك في بلدك ومسقط رأسك ولا أريد أن أمن عليك فأقول ومصدر ثروتك التي أدعو الله أن يبارك فيها وينفع بها المسلمين ولا أريد أن تظل شهرتك في أمريكا وأوروبا وأفريقيا مقرونة باليخوت والطائرات والمنتجعات والمظاهر.
أريد أن أقرأ وأسمع عن أعمالك في مجالات أعمال الخير والبر في وطنك فما أكثر جمعيات البر والخير في وطنك الكبير والتي يتسابق عليها الصغار قبل الكبار ولا أريد أن أضرب الأمثال بالأسماء لئلا أنسى أحدا منهم فألام على ذلك وخاصة أنهم كثيرون.
أريدك – وأنت لا تعرفني ولم ترني ولم أرك – أن تحظى بما حظي به أبوك من الذكر الحسن والذكر للإنسان عمر ثان – كما يقولون.
وأسأل الله لك التوفيق.
معلومات أضافية
- العــدد: 32
- الزاوية: كل اسبوع
- تاريخ النشر:
- الصحيفة: عكاظ
اترك التعليق
الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.