إذا لم تستح.. فاصنع ما شئت
هذا ما ينطبق الآن على أقوال وأفعال مجنون العراق فقد نزع عن وجهه برقع الحياء وراح يهذي بكلام أقل ما يوصف به بأنه فن من فنون الجنون فقد قيل إن الجنون فنون!!
لقد أصيب هذا الرجل بدائين عضالين أثرا أشد التأثير على عقله ونفسه فانعكس ذلك على تصرفاته فلم يعد يدرك ماذا يفعل وماذا يقول، بعد خروجه من حرب إيران منتصرا بفضل وقوف إخوانه من حكام الدول العربية وفي مقدمتهم السعودية ومصر والكويت وبكل ما يملكون من مال وسلاح مؤثرين العراق على أنفسهم، أصيب بالدائين الوبيلين:
1- الغرور الذي أفسد عليه حياته وصور له أنه أصبح الرجل الأقوى وقد استطاع أعوانه النفخ فيه وراح الإعلام العراقي والإعلام المأجور أن ينفخ فيه هذه الروح الشرسة فأخذ يحلم بزعامة العرب والاستيلاء على ثروة العرب.
2- ثم الحسد الذي كان كامنا في نفسه منذ أمد طويل فما أن شعر بالاقتصاد المضطرب المثقل بالديون بعد الخروج من حربه مع إيران إلا وامتدت عيناه إلى ما في أيدي جيرانه فلم يكتف بطلب إعفائه من الديون ليرتب أمور بلده على ضوء ذلك بل أضاف إلى ذلك فكرة الغزو والضم والسطو على ثروات جيرانه فبيت ذلك وخطط له تخطيطا لئيما بدأه بالتحرش بالكويت كبلد صغير ولقمة سائغة يبدأ بها وجبة الإفطار ثم يتغذى بالإمارات العربية المتحدة ويتعشى بالمملكة العربية السعودية ولا بأس أن يتسلى بعد ذلك بين الوجبات بدول أخرى قد لا تكلفه عناء وتكون قد رأت العبرة في غيرها والسعيد من اتعظ بغيره.
وبدأ في التنفيذ فاتهم الكويت بأنها ارتكبت جرمين في حقه. استغلت بتروله من الحدود في غفلة منه وصدرته وخفضت أسعار البترول فأضرت بمصالحه وأذته فتدخلت المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر لتطويق المشكلة والإصلاح بين الشقيقين بالطرق الودية وإعطاء كل ذي حق حقه إن كان ما يدعيه العراق صدقا وحقا.. وبينما الوساطة دائرة يفاجأ الكويت بالاقتحام العراقي الهمجي بجنح الظلام وهو آمن مطمئن إلى الوساطة الدائرة ويهجم بدباباته وجيشه الذي يزيد عن عشرة أضعاف جيش الكويت ومعداته فيكتسح كل شيء أمامه بدون مقاومة تذكر لصدمة المفاجأة ويترك لجيشه الحبل على الغارب – كنوع من الإرهاب – ليقتل وينهب وينتهك الأعراض ويدمر القصور ويسطو على البنوك وأسواق الذهب ويستولى على حلي النساء وأثاث البيوت ومحتويات المتاجر وينقلها إلى بغداد كما كان الحكم في القرون الوسطى.
وعندما يهب العالم بأسره ليشجب هذا العدوان بل هذه الجرائم النكراء ويدان بجريمته وتدمغه المنظمات الدولية وعلى رأسها مجلس الأمن وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي بالعدوان وتطلب منه الانسحاب من الكويت. عند ذلك يبدأ في التخبط بدلا من الرجوع إلى الحق فيزعم أن في الكويت ثورة شعبية على حكامه دعته لمساندتها وعندما لم يجد أحدا في الكويت يؤيد هذه الدعوى ليتولى قيادة الثورة المزعومة لأن الشعب الكويتي ملتف حول دولة لا يبغي عنها بديلا، يعمد وبكل وقاحة فيشكل حكومة من ضباط العراق تعجز عن حكمه لعدم تجاوب الشعب معها من ناحية ومن ناحية أخرى لأنها غير مؤهلة للحكم ولا معرفة لها بأساليبه فيلجأ إلى لعبة جديدة ليعلن أن هذه الحكومة المزيفة طلبت منه وحدة اندماجية بين الكويت والعراق فيقرر ضم الكويت إليه ثم يناقض نفسه فيدعي أن الكويت أساسا هو جزء من العراق سبق اقتطاعها منه وأنه الآن استرجعها وكفي الله المؤمنين القتال.
ويصم أذنيه وعقه وقلبه عن جميع قرارات الاستنكار التي صدرت عن المنظمات الدولية وعلى رأسها مجلس الأمن الدولي ومطالبته بالانسحاب الفوري غير المشروط من الكويت.
ويستمر في التلاعب بعقول شعبه والقلة من الحكومات التي خدعت منه ويدعي أنه يغزو الكويت والاستيلاء على ثروته وأمواله يريد أن يوزع الثروة العربية بين أغنياء هذه الدول وفقراتها بالقسطاس المستقيم تحقيقا للعدالة.. وبعد أن يطلق هذه الخرافة ليصدقها السذج من الحكومات الطامعة والشعوب المغفلة يحول الأنظار إلى خرافة أخرى يريد بها استفزاز بعض الشعوب الإسلامية ويثير عليها شوارعها فيزعم أن الدول الأجنبية قد غزت البلاد العربية ووطأت مقدساتها وهو ادعاء تافه ومتهافت إذ لم يحصل شيء من هذا ولكن العقول الخاوية تصدق مثل هذا الهراء.
ثم يقفز قفزة أخيرة هي قفزة الطير المذبوح فيلقي القبض على جميع الأجانب الذين يعيشون في الكويت والعراق من رعايا بريطانيا وأمريكا ودول أوروبا وكل دولة تعاونت مع الحق وشجبت الباطل ويعتبرهم رهائن ليعذبهم وينتقم من تلك الدول في أشخاص هؤلاء الرهائن ويهدد بوضعهم في الأهداف العسكرية لمنع دولهم من المشاركة في صد عدوانه على جيرانه.
وهو يلجأ إلى كل هذه الألاعيب الساذجة التي لم تنطل على أحد من عقلاء العالم إنما يهدف إلى صرف الدول والشعوب عن القضية الأساسية.. قضية غزوه الكويت وشجب الجميع لهذا الغزو ومطالبته بالانسحاب الفوري.. بصرفهم إلى قضايا جانبية وإلهائهم كسبا للوقت ودفعا للنسيان ولكن هيهات.
ومن يدري فقد يأتي غدا أو بعد غد برقصة جديدة تكون فيها نهايته وصدق القائل (إذا لم تستح فاصنع ما شئت).
والليالي من الزمان حبالي مثقلات يلدن كل عجيب
معلومات أضافية
- العــدد: 27
- الزاوية: شمس وظل
- تاريخ النشر:
- الصحيفة: عكاظ
اترك التعليق
الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.