فرصة السفر هي فرصتي الوحيدة للقراءات المركزة والدراسات النافعة، أما أيام الإقامة فإنها طحن مستمر في طاحونة الصحافة باستثناء لحظات خاطفة اختلسها بين فترات الطعام والنوم أطالع فيها صحيفة أو كتاباً خفيفاً.

وفى رحلتي الأخيرة إلى سوريا ولبنان وتركيا أتيحت لي فرصة عشرة أيام من الاستقرار قرأت فيها كتباً عدة كلها تبحث مذهب الشيعة إذ كانت عندي رغبة ملحة أن أقرأ هذا المذهب لأعرف مدى ما يتهمه به بعض الناس من زيغ وضلال وما يوصمونه به من عقائد فاسدة كنت أعجب كيف يعتقدها من كان له عقل أو ألقى السمع وهو شهيد..

كنت أستعين على قتل الوقت أثناء الطيران بالقراءة قبل أن يغشى أجواءنا الطيران النفاث أما فى هذه الرحلة فلم أقرأ أثناء الطيران شيئاً فما أن تستقر بنا «البوينج» في الجو وتبدأ المضيفات بتقديم الشاي أو الطعام وتنتهي منه. إلا وينادى المنادى: اربطوا الحزام فنحن على وشك الهبوط في المطار.

قرأت فيما قرأت كتاباً عن المتعة في الإسلام، ونكاح المتعة أجمعت على تحريمه المذاهب الأربعة وانفردت بجوازه الشيعة وحجة السنة إبطال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب له وحجة الشيعة أن إلغاء عمر لا يصح أن يكون ناسخاً لأمر مشروع..

قرأت كتاباً كاملاً عنها وبحوثاً متفرقة في كتب أخرى وخرجت من آراء الطرفين بعدم الارتياح إلى الجواز وملت إلى رأى السنة لا تحزباً لمذهبي ولكن اقتناعاً بصواب ما فعله عمر واعتباره الأصلح والإسلام دائماً يأخذ بالأصلح.. وزاد من اقتناعي أن أكثرية الشيعة يبيحونها ولكنهم لا يمارسونها فعلاً وكأن في نفوسهم شيئاً من الأدلة المتضاربة.

كما قرأت ردوداً لعلمائهم عما ينسب إليهم باطلاً أو تندراً من العقائد وهم منها براء مثل:

1- إن الإيمان بالإمام جزء من الإيمان بالله.

2- إن رمى الجمار عندهم ضلالة ، والسعي بين الصفا والمروة عبث.

3- إنه حل في على جزء إلهي اتحد بجسده . وبه يعلم الغيب.

4- إنهم يشتمون بعض الصحابة أو لا يرضون عنهم.

5- تبدأ الأئمة الاثنى عشر بعلي وكلهم ملهمون يتصفون بمميزات إلهية.

وتأكيدهم أن بعض هذه الاتهامات مفترى من أساسه وبغضها لفرقة ضئيلة جداً يسمون (الغلاة) وهم في رأى الشيعة الإمامية كفار، وأن كل الخلافات التي بين الشيعة وبين السنة لا تعدو الخلافات التي بين المذاهب الأربعة في الفروع ومن الاختلافات التي قرأتها لهم:

1- منع التعصيب فلا يرث عندهم الإخوة مع البنت أو البنات ولا يرث الأعمام مع الأخت أو الأخوات فمن خلف بنتاً ورثت جميع ما له فرضاً ورداً ويقولون أن سنياً كبيراً في لبنان اعتنق مذهب الشيعة إذ لا ولد له سوى بنت.

2- الزكاة: عندهم 20% ويستندون على الآية الكريمة ﴿واعلموا إنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل﴾ إذ لا يحددون الغنائم بغنائم الحرب كالسنة بل يعتبرون كل ما يكسبه الإنسان من أرباح التجارة والصناعة والعمل والإجازات والوظيفة والهدية والوصية وما إلى ذلك تستثنى منه مؤونته ومؤونة من يعول سنة كاملة . وما زاد ففيه الخمس.

3- إن عليا في نظرهم أحق بالخلافة - أو الإمامة حسب تعبيرهم - من أبى بكر وعثمان وعمر ويستندون إلى قوله تعالى ﴿إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون﴾ ويقولون أنها نزلت في حق على باتفاق المفسرين حينما أعطى السائل خاتمه وهو يصلى ومن الحديث قوله عليه الصلاة والسلم لعلى «أنت منى بمنزلة هارون من موسى. من كنت مولاه فعلى مولاه.. أنت أخي ووصيي وخليفتي من بعدي»، ويحصرون الإمامة في على وأولاده.

ومن الواضح أن الآية لا تعنى هذه الدعوى وأن الحديث بنصه هذا لم تثبت روايته عن الرسول وما كان أبو بكر وعمر على مكانتهما في الإسلام وزهدهما في تحمل مسئولية المسلمين ليغفلا تعليمات الرسول ووصيته لو أنها وقعت فعلاً، ثم أن إجماع صحابة رسول الله – مهاجرين وأنصار – على مبايعة أبى بكر دليل قاطع على وضع الحديث المستند إليه بعد ذلك التاريخ.

صور إسلامية

1- أرسل عثمان بن عفان إلى أبى ذر الغفاري – رضي الله عنهما – مائتي دينار فجاءه الرسول وقال له هذه من عثمان وهو يقول لك: أنها من صلب ماله، ما خالطها حرام.

قال أبو ذر: هل أعطى أحداً من المسلمين مثلها؟! قال: كلا. قال أبو ذر: اذهب أنت والدراهم إنما أنا رجل من المسلمين.

2- ووزع رسول الله بعض الفئ على الناس، وأخذ أعرابي نصيبه فاستقله، وبسط يده وجذب الرسول من ثوبه جذباً شديداً، وقال: يا محمد زدني فليس هذا المال مالك ولا مال أبيك ، فلم يك من عمر إلا أن استل سيفه صارخاً: دعني يا رسول الله أضرب عنقه.. ولكن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: دعه. إن لصاحب الحق مقالاً..

انتظار!؟

ما زلت في انتظار رد الخطوط السعودية وكيف أخذت منى زيادة في قيمة التذكرة إلى استامبول مبلغ 450 ريالاًَ فهل تجيب؟!

ورطة!!

استغرب كثير من الإخوان قصر المدة التي قضيناها في استامبول رغم ما تتمتع به البلدة من جمال طبيعي وتقدم عمراني وظن البعض أننا كنا على موعد مع الزلزال ففرنا منه.

وما كنت أود الكشف عن السر لولا أنني وددت أن يكون فيه عبرة للغير.

أما السر فهو أمران:

أولهما: الفكرة التي أعطيت لنا عن الرخاء فقد زودنا بنشرة تقول أن أجرة أفخم أوتيل في استامبول وهو «هلتون» 25 ليرة ووجدنا أن الصحيح 125 ليرة ولا ندرى أسقطت المائة من النشرة تطبيعاً أم أن النشرة قديمة؟!

وثانيهما: سعر الدولار الهابط كثيراً في تركيا فإنه يساوى 80/2 ليرتان وثمانين قرشاً تركيا أي أقل من ريال سعودي فالريال السعودي يعادل ثلاث ليرات وقبل أن تنفذ الخمسمائة الليرة التركية التي حملها كل منى ورفيقي قررنا المغادرة صيانة لدولاراتنا التي اشتريناها من هنا بأكثر من أربع ريالات ونصف وأمكننا صرفها في بيروت بثلاث ليرات لبنانية أي بأكثر من أربعة أضعاف ما كنا سنصرفه بها في تركيا.