سياسة الوقيعة بين الإخوة والأصدقاء أصبحت هي السياسة السائدة في الحكم الناصري.. كلام على لسان بن بيلا ضد الحكومة الجزائرية وكلام آخر على لسان الحكومة ضد بن بيلا.. أخبار عن بورقيبة بأنه هاجم جيش التحرير.. وأخبار أخرى عن طرد جيش التحرير لقوات مغربية.. ورواية عن صحيفة النيويورك تايمز تقول أن معركة فاصلة سوف تحدث في الجزائر ، ورواية أخرى عن المراقبين المطلعين – حسب تعبيرهم – أن بن بيلا سيستخدم مدينة وهران قاعدة لعملياته.. بن بيلا أكثر شعبية .. وبن خده يسيطر على الحكومة. جيش التحرير يعزل ابن خده.

هذا ما تزخر به صحافة وإذاعة وأبواق الدعاية الناصرية هذه الأيام فماذا يعنى؟!

إنه دس رخيص.. ووقيعة بين الإخوة والجيرة في وقت هم أحوج ما يكونون فيه إلى وحدة الصف والتساند، وتهويل وتشويه للواقع.

وتلك هي كل مؤهلات الناصرية التي افتتن بها كثير من السذج وفريق من الطامعين في المكاسب الموهومة .

وإلا فيا لله ما دخل مصر في تأجيج نار الفتنة وإثارة الحفائظ؟!

لماذا تزخر صحافتها بهذا النوع من الوقيعة والتحريش؟!

هل نسيت ماذا كان مصير لومومبا عندما ظلت تنفخ فيه وتحرشه على زملائه وتعمل على توسيع الخرق؟!

هل تناست ماذا آل إليه أمر الكونغو بفضل تدخلها في أموره ودس أنفها في سياسته؟!

أليس لها من مشاكلها الداخلية ما يشغلها عند الاشتغال بأمور الآخرين؟!

ألا يسعها ما وسع جميع دول العالم من اعتبار خلاف الجزائر خلافاً داخلياً يمكن حله محلياً دون حاجة إلى هذه الاستفزازات..

يروى هيكل الخراب في الأهرام أن بن بيلا قال له: «إنني على استعداد أن أموت من أجل الجمهورية العربية المتحدة اعترافاً منى بما قدمته لثورة الجزائر.. إنني أقبل من الجمهورية العربية المتحدة كل ما تريده إلا أن تطلب منى دخول الجزائر مع الحكومة القائمة».

ثم يروى على لسان السيد سعد دحلب وزير الخارجية الجزائرية هذا الاستخفاف بالسيد بن بيلا «أن الناس في الجزائر بعد كل الذي قاسوه لن يهتموا بأي فرد مهما كان دوره ، ولو دخل اليوم إلى الجزائر اثنا عشر تلميذاً من تلاميذ المدارس الابتدائية وقالوا للشعب نحن حكومة الجزائر لجن الناس بهم فرحاً».

ثم يروى ثالثاً على لسان ضابط من جيش التحرير اتهامات خطيرة للرئيس الحبيب بورقيبة وحكومته.

فلحساب من ضرب الرؤوس بعضها في بعض على هذه الصورة؟!

أليس معنى هذا أن مهمة الناصرية في العالم العربي هي إشاعة القلاقل وإثارة الفتن وتمزيق الصفوف وتفريق الشمل؟!

إننا نترك الجواب على هذا السؤال للقراء الذين لم تذهب بعقولهم خمرة الأوهام ولم تفقدهم صوابهم مباهج دنيا الأكاذيب والأحلام..