صفحة الرأي_مدرساتنا.. وفتياتنا
معلمة تقول: إن السموات ثلاثة.. والأرضون ثلاثة والناس في الدنيا على السابعة
ومدرسة أخرى تقول: الحجاب لم يظهر إلا في زمن بني العباس
كثير من الكتاب يكتب.. ولكن قلة من الكتاب يكون لكلمته القبول في النفوس والمكانة في القلوب ومن أولئك الكتاب الأفاضل في بلادنا.. الذين لما يكتبون لهم تأثير كبير ووقع حسن في المجتمع.. الأستاذ صالح محمد جمال.. إن القارئ ليجد في مقالته الحرارة في المعنى والقوة في الأسلوب.. مع الحجة الواضحة والاقتناع.. أقول هذه المقدمة وقد قرأت كلمته في عكاظ بعنوان – أعمياوات انتن – والكلمة مدعمة بالأدلة والشواهد ومثل الأستاذ محترم في القدرة على سرد الأدلة وقوة الشواهد في كلماته الهادفة ومقالاته البناءة.. ولها قراء وبها معجبون.. وكلمة الأستاذ – أعمياوات أنتن – على اختصارها كانت كلها حماس المسلم وغيرة ذي الخلق الحميد والحمية والشهامة على الحرمات.
وبودي أن أطرح حقيقتين وأسردهما للأخ العزيز الأستاذ صالح محمد جمال.
الحقيقة الأولى: عندنا مدارس كثيرة للبنات انتشرت في جميع أرجاء البلاد.. وهذه المدارس تأسست بسرعة مذهلة.. وكان تطورها وانتشارها طفرة واكبها إقبال الناس وصحبها إقبال الفتيات.. وعزي هذا الإقبال دولة تسعى جاهدة لتحقيق كل ما من شأنه إسعاد لأبناء هذا الشعب شيبه وشبابه وأبنائه وبناته.. وتحاول الدولة أن تلبي رغبات هذا الشعب.. وتحقق آماله وهي ساهرة على بناء مجتمعه سهرا يتجلى في كل مرفق من مرافقه.. قلنا أن مدارس البنات كثيرة مما اضطر الرئاسة – ولا أدافع عنها – وإنما هو الواقع الصحيح – إلى أن تجلب من البلاد المجاورة مجموعة ضخمة من المدرسات اللواتي كلنا يعرف انهن لا يعرفن من الدين إلا أنهن مسلمات فقط وإذا عرفن القراءة والكتابة وكن بليغات كاتبات أو مربيات وعالمات في فنون من العلوم كالرياضيات والاجتماع والعلوم فإنهن ولا شك جاهلات تمام الجهل وحائرات أيضا أمام القرآن وتفسيره. والفقه وحل كلماته والتوحيد وشرح أصوله.. والحديث وجلاء غوامضه.. وكلنا يعرف المفارقات العجيبة والنكت الغريبة التي تصدر من هذه المدرسات تجاه تعليمهن والعلوم الدينية التي هي أهم ما يجب أن تتلقاه فتاة اليوم لتكون مربية المستقبل، ومعلمة الفتيات وربة البيت السعيد.. وإني مزودك أيها القارئ بأربع ملاحظات صدرت من مدرسة أو مدرسات:
1- قالت إحداهن وهي تتحدث عن السموات ونسيت الآية القرآنية والأحاديث لسبب واحد أنها لم تحفظها وإنما مرت بهذه الآية والحديث مراراً عابراً في الكتاب بدون تفهم قالت هذه المدرسة "إن السموات ثلاثة والأرضون مثلها والناس في الدنيا على السابعة والجميع سموات وأرضين سبعة فقط.
2- قالت مدرسة أخرى في معرض الحجاب مبالغة منها في الحض عليه وحرصها على إظهار نفسها بالملمة في الدين.. إن الحجاب لم يظهر إلا في زمن بني العباس.. ولم يخطر في بالها بل ولم تقرأ القرآن حتى تحفظ آية الحجاب، ولم يمر على ذهنها ما قاله الرسول -صلى الله عليه وسلم- في هذا الباب.
3- ومدرسة أخرى قالت لطالباتها يجب أن تحتفين بالصلوات وتلبسن حجاباً جلباباً خاصاً عينته وأكدت على طالباتها استعماله.. وكانت هذه النصائح في رمضان.. ولما انصرم الشهر.. تساهلت المدرسة ولم تأمر طالباتها بالتأكيد عليهن في الصلوات.. فسألتها إحدى الطالبات عن عدم اهتمامها هذه الأيام بالصلوات.. قالت وهي تعتقد أنها عالمة مطلعة.. الصلوات في رمضان فقط ولا تصلي الفتاة صلاة مستمرة إلا بعد أن تبلغ سن الأمهات.
4- وأستاذة أخرى في معرض الحديث عن الإسلام وأنه نية وعمل.. قالت: يكفي أن يسلم المرء بقلبه والإسلام لا يتجاوز ذلك هذا ويقف بي القلم ولا تنتهي المعلومات المعروفة.. والرئاسة مهما حاولت أن تصلح الفتيات في دينهن. فلن تجد المدرسات المتدينات وإذا فرضنا أن لدينا قلة قليلة فإنهن يضعن أمام الكثرة.. ثم أن الرئاسة لا تستطيع الوقوف على كل صغيرة وكبيرة في التعليم، والرئاسة مهما كانت يقظة وساهرة على طالباتها فلن تقف موجهة ومعلمة في كل فصل، والرئاسة اليوم أصبحت كالوزارة لسعة مسئولياتها وعظيم واجباتها.
الحقيقة الثانية: لا شك أن أحداً يقترح أن تفتح دور للمواطنات من الفتيات ليكن معلمات لتستغني بهن عن المنتدبات، وهذا جميل جداً ولكن متى يتم ذلك؟ وعلى يد من؟ فإن كان على أيدي المعلمات المنتدبات فستكون فتياتنا نسخة طبق الأصل من معلماتهن.. وتصبح المشكلة هي هي.. وإن قلنا يتدربن على معلمات وطنيات فأين المواطنات المعلمات؟.. طبعاً لا يوجدون إلا نادراً.. وهذا إلى جانب أن معاهد المعلمات قليلة والدفعات التي نتشرف بهن في كل عام من الأعوام المقبلة لا تكون من الوفرة بحيث تسد الحاجة ولا حتى قليلا منها. فإذا كنا طرحنا هاتين الحقيقتين أمام القارئ نعود إلى الضرورة في الاستعانة بكفاءة المكفوفين الذين نشأوا في هذا البلد وعاشوا في بيئته السليمة وتلقوا تعاليمهم الدينية في مناهل الدين وتربوا بتربيته وتأدبوا بآدابه وشربوا من معينه فهم أولى الناس بحمل هذه الرسالة إلى أمد معين إلى أن يتوفر العدد المطلوب من المدرسات الوطنيات فإن قال قائل إن في المكفوفين شراً والرجل هو الرجل والأنثى هي الأنثى.. فالمكفوف يدخل ومعه من يوصله إلى الفصل الدراسي ليؤدي واجبه ثم يخرج وهكذا تحت نظرة مديرة مدرسته وسمعها.. والرئاسة والدولة معها – لا تعين المكفوف إلا بعد بحث وتدقيق في سلوكه حينما كان طالبا وسلوكه لدى مجتمعه وبيئته.. والرئاسة حينما تصدر قرارها بتعيين مكفوف ما فإنما على بصيرة وهدى. وإذا كان الأستاذ صالح محمد جمال – استدل بعدم جواز نظر المرأة للرجل بحديث أم سلمة وميمونة مع ابن أم مكتوم عندما قال لهما النبي -صلى الله عليه وسلم- (أعمياوان أنتما لا تبصران) فإن قضية الجواز وعدمه يرجع فيها إلى علمائنا الأفاضل وكفي بهم ولكن على حسب ما استدل به الأستاذ أحب أن أسوق هنا ما جاء في مثل هذه القضية من آثار هي أقوى في الدلالة من حديث أم سلمة وميمونة وهو ما جاء في حديث فاطمة بنت قيس الذي رواه مسلم وأصحاب السنن من قول النبي -صلى الله عليه وسلم- لها اعتدى في بيت ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك. وفي بعض طرقه وكان أعمى تضع ثيابها عنده ولا يبصرها. وما اتفق عليه البخاري ومسلم من أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يستر عائشة وهي تنظر إلى لعب الحبشة في المسجد فهذان الحديثان أقوى مما أورده الأستاذ كما حققه أهل العلم.
ومن المعلوم أن كثيراً من النساء العالمات أخذن عن العلماء من الرجال وكثيراً من الرجال أخذوا العلم عن عالمات من النساء ولكن مع الفقه والحجاب أما بالنسبة لتدريس المكفوفين في مدارس البنات فإنه إذا توفرت الشروط في الأستاذ من الاستقامة والتحلي بالأخلاق الفاضلة ولاسيما وهذا لا يتم إلا بعد التدقيق من قبل المسئولين في هذه الناحية وهم من عرفوا علماً ومحافظة أعتقد ألا مانع منه، هذا تعليقي على حديث كاتبنا الاجتماعي الذي يلد لكل طالب علم أن يستفيد منه في كل ما يكتب.. لسلامة اتجاهه وعميق معرفته وسعة إحاطته.. وإذا كان الأستاذ صالح يرى أن المكفوفين يجب أن يربأوا بأنفسهم عن هذه المنزلة لأنهم أكبر وأكرم من أن يكلفوا بهذه المهمة فما رأي الأستاذ الكريم.. في بناتنا والمقارنة بين أن يتخرجن من المدرسة وهن خلو من الدين على يد معلمات غير مؤهلات دينيا ونحن في هذا البلد مأرز الإسلام في بلاد الإسلام ومنبع الدين الحنيف ونحن أبناء مكة المكرمة والمدينة المنورة والجزيرة العربية التي حررها بالدين نبينا "محمد بن عبد الله" -صلى الله عليه وسلم-.. وصحبه الميامين.؟
وبين أن نتيح لهن أن يتعلمن على هذا الأعمى الذي اختير بعد تفكير وبحث في أحواله المسلكية والدراسية.. ولقد بلونا ومنذ سنين أساتذة مكفوفين ولمسنا إنتاجهم في مدرسة البنات فرأينا حذقاً من فتياتنا وإطلاعهن الواسع وأصبحت بدلاً من أن يكن ملمات بالمقرر ذهبن إلى أوسع من ذلك مدى فقد بدأن يبحثن عن الدين من كتب أوسع وبدأت تهضم الأمور الدينية كطالبة علم.
إنني لا أدعي أنني أكثر إطلاعا من الأستاذ صالح ولكنه تحدث عن غيرته الدينية كمسلم حريص على فتيات هذا البلد الأمين.. وتقدمت بهذه الكلمة مبدياً وجهة نظري حسب تجاربي في هذا الحقل الذي لي فيه أكثر من ثلاثين عاما.. وما أزال ولن أزال أشكر الأستاذ الفاضل على كتاباته الهادفة الهادية التي نريد منها المزيد في عصر محتاج إلى مثله وإلى مثل صراحته وشجاعته في الحق والصراحة والشجاعة ما أجملهما في هذا البلد الذي يدير دفته حكومة رشيدة هدفها الصلاح والإصلاح وعلى رأسها الفيصل الرائد.
عثمان الصالح
معلومات أضافية
- العــدد: 154
- الزاوية: غير معروف
- تاريخ النشر:
- الصحيفة: الندوة
اترك التعليق
الحقول التي تحمل علامة * مطلوبة.