«اكذب.. ثم اكذب.. ثم اكذب.. فلا بد أن يصدقك الناس بعد ذلك؟!»

هذا هو دستور أبواق الدعاية الناصرية في القاهرة بثالوثها المعروف.. صحافة القاهرة.. إذاعة القاهرة.. وصوت الكذب..

وقد جاءت هذه العبارة نصيحة من السيد عبد القادر حاتم كبير أبواق الدعاية الناصرية لكاتب لبناني أراد أن يسترشد بالدكتور المختص في أساليب الدعاية في أنجح وسيلة للدعاية.

ولهذا أصبح الطابع الغالب على أبواق الدعاية المسعورة هو الكذب والتضليل والتغرير.

ولقد تحدث صحفي سوري مرة مع بوق صوت الكذب أحمد سعيد عن الأوضاع والأحوال فعرف منه أن رأيه الحقيقي على خلاف ما يردده في الإذاعة، ولما سأله عن سر هذا التناقض كان جوابه: "وماذا عساي أن أفعل يا سيدي؟ أتريد أن يموت أهلي جوعاً وأن يزج بي في أعماق السجون؟ دع الأمر لله".

من هاتين الحادثتين – يا عزيزي القارئ – يمكنك أن تحكم حكما صحيحا على ما تقرؤه وتسمعه دائما من صحف وإذاعات القاهرة.

إنه كذب، في كذب، في كذب تمليه رغبة في الغنائم والأسلاب في العدد البسيط المرفه من الشعب المصري كالدكتور حاتم – ولا تظنه دكتورا في أي علم أو فن ولكنه دكتور في الدعاية التي حدد هو نفسه دستورها في ثلاث كلمات "أكذب.. ثم أكذب.. ثم أكذب".

وتمليه في أكثر الأحيان رهبة من الجوع والسجن وإهدار الكرامة في أكثرية الشعب المصري أمثال أحمد سعيد وإحسان عبد القدوس وحسنين هيكل.

أما الركيزة الثالثة التي تقوم عليها أجهزة الدعاية.. فهي المال يبعثر هنا وهناك في غير روية ولا تفكير.

إن ملايين الجنيهات تصرف على نشر خطب الرئيس وتصريحاته في الصحف الخارجية لإيهام الشعب المصري أن لما يقوله سيادة الرئيس أهمية مع أنها تنشر كما ينشر أي إعلان بل بالأجرة المضاعفة.

ونحن إذ نضع هذه الحقائق تحت أنظار القارئ العربي نستطيع أن نؤكد بأن حبل الكذب قصير.

ويحضرنا بهذه المناسبة الحكمة القائلة: "تستطيع أن تكذب على كل الناس بعض الوقت ولكنك لا تستطيع أن تكذب على بعض الناس كل الوقت، ولكنك لا تستطيع أن تكذب على كل الناس كل الوقت".