ليس من أخلاقنا ولا تقاليدنا مجاراة أبواق القاهرة في التلفيق والتضليل وإلصاق التهم بالأبرياء واختلاق الحوادث بذلك الأسلوب الرخيص والشتم البذيء الذي يصك الأسماع وتشمئز من وقعه النفوس ولكننا نرى لزاما علينا وقد ابتلينا بهذه المحنة. – مع الحفاظ على أخلاقنا ومبادئنا – أن نرد على نقيق الضفادع ونعيق الغربان.

أجل من واجبنا أن نرد لنصحح الإفهام ونقرر الوقائع كما هي من غير تزييف ولا تضليل.

هاجم الناطق الصحفي باسم الرئيس عبد الناصر في مقاله الأسبوعي الذي ينشره بجريدة الأهرام يدعى فيه الصراحة مع أنه في منتهى الوقاحة هاجم فيه الملك سعود والمبالغ المخصصة لجلالته من ميزانية الدولة.

وميزانية الدولة ليست سراً فإنها تنشر في كل عام ليعرفها الصغير والكبير من أفراد الشعب السعودي، كما أنها ليست صيدا ثمينا حصل عليه السيد هيكل.

وما دامت الميزانية ليس سرا وأرقامها معروفة فإن أقرب وسيلة للتضليل، تضليل القارئ العادي .. وتضليل المستمع عندما يذاع هذا الكلام كجزء من مخطط الدعاية المخزية هي الخلط وإدخال شعبان في رمضان كما يقول المثل العامي عندنا.

الخلط بين مخصصات الملك وميزانية هيئات الأمر بالمعروف وميزانية الحرس الوطني وأخيرا مدرسة الثغر النموذجية وإدخال مدرسة الثغر النموذجية إنما هو للإيهام.. إيهام القارئ أنها مدرسة خاصة بالأمراء أو أولاد الملك مع أنها في الواقع مدرسة لأفراد الشعب.

بهذا الخلط وبهذا التضليل أراد السيد هيكل أن يثبت تبديد الملك سعود لميزانية الدولة مع أنه خلط واضح وتضليل مكشوف وزيف لا يحتاج إلى بيان.

ثم لا يكتفي بهذا الهراء بل يحاول المقارنة بين مخصصات الملك سعود ومخصصات عبد الناصر.

مخصصات الملك سعود الواضحة المكشوفة المعترف بها كحقيقة واقعة لا مغالطة فيها ولا تضليل.

ومخصصات عبد الناصر المقول إنها تسعة آلاف جنيه في السنة لا على سبيل الحقيقة ولكن على سبيل التضليل.

وكم كنا نود أن تكون في مصر حرية وديمقراطية ومن يسأل من أين لك هذا ليسأل آل عبد الناصر من أين هذه العمارة الضخمة التي تشاد في جنيف تحت إشراف شقيقي عبد الناصر؟

ومن أين هذه الشركات الضخمة وفي مقدمتها شركة النصر التي يديرها أشقاء عبد الناصر؟

وأخيرا أين أموال فاروق وأسرته ومن صودرت أموالهم من مصريين وأجانب والشركات المؤممة والبنوك الممصرة إلخ..

ما لا يحصره العد مما أخذ باسم الشعب المصري ؟ هل حصل الشعب على شيء منه؟ وما هي آثاره في رفاهيته وإسعاده؟

أين أموال قناة السويس؟

هل ارتفع مستوى الفلاح المصري بغير الكلام؟

وهل تضاعف الدخل القومي كما يزعمون؟

وهل من إسعاد الشعب المصري شراء الضمائر والذمم واستئجار الأقلام؟

وهل رجع المصريون المغتربون في مختلف أنحاء الأرض ليجدوا لقمة العيش هينة سهلة في بلادهم الحبيبة؟

أم تضاعف عدد الهاربين من الفردوس الناصري فرارا بجلودهم؟

هل قوي الاقتصاد المصري بقوة الإنتاج والتصنيع أم انهار بانهيار مستوى الإنتاج وضعف التصنيع؟

وما هو الفرق بين جريمة الأسلحة الفاسدة في عهد فاروق؟

وجريمة الدواء الفاسد الذي قوى من شوكة الدودة فقضت على محصول القطن وأنزلت أكبر كارثة بالفلاح المصري.

وبعد.. فاتركوا الشعوب لحكامها والحكام لشعوبهم ليصفوا حسابهم ووفروا على أنفسكم هذه الدموع التي تذرفونها بين حين وآخر على بعض الشعوب وحسبكم وصمة الدهر التي لصقت بكم بعد تجربة حكمكم في سوريا وما ذاقه الشعب السوري على أيدي جلاديكم ومباحثكم..

حسبكم ذلك وقد انكشف القناع وبرح الخفاء وعرف الناس مفهوم الوحدة عندكم ومعنى الحرية الديمقراطية والاشتراكية في قاموسكم السياسي.

دعوا الشعوب وحكامها وارحموا شعبكم المسكين من هذا الخنق للحريات والإهدار للكرامات وابتزاز الأموال والممتلكات.. واسكت يا هيكل.. فالسكوت خير لكم بعد أن قرأ الناس وسمعوا مأساة حكمكم في سوريا وأفاعيلكم في الشعب السوري مما يندي له الجبين وتتبرأ منه الإنسانية وتقشعر منه الأبدان.

اسكت يا هيكل ودع الشعب السعودي لحكامه ودع حكامه له فنحن أدرى بمصالحنا ووفر على عينيك دموعها فنحن هنا بخير بل كل الخير مما نتمنى بل ندعوا الله أن يهيئ مثله للشعب المصري الشقيق.