المشروع الأمريكي الأخير المعد لحل مشكلة الشرق الأوسط والذي ستتقدم في مؤتمر القمة الثلاثي بكامب ديفيد يوم 5 سبتمبر 78 م مرتكزاً على قرار مجلس الأمن رقم 242 الذي ينص على انسحاب إسرائيل على جميع الجبهات من الأراضي المحتلة وضمان أمن دول المنطقة ووضع حل عادل للقضية الفلسطينية وضمان أمريكا لأمن إسرائيل وحق كل دولة من دول المنطقة أن تعيش في سلام داخل حدود آمنة معترف بها واقتناع أمريكا أن وجود المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة يتنافى مع القانون الدولي ويشكل عقبة على طريق السلام.
هذا المشروع الذي نشرته الصحف ورددته وكالات الأنباء هو الحل الذي يطلبه العرب ولا يريدون أكثر منه رغم اغتصاب جزء كبير من أرض فلسطين وإقامة دولة معتدية مغتصبة على هذا الجزء وتشريد أهله وهكذا يرضي القتيل وليس القائل فهل توافق عليه إسرائيل ربيبة أمريكا المدللة أم سيردد مناحم بيجن وأمثاله من شذاذ الأرض: لا نقبل لا نقبل ويتهمون أمريكا أمهم الحنون بالتحيز للعرب وينفض المؤتمر كما انفضت قبله مؤتمرات وضاعت وساطات ودفنت مشروعات وتصبح المشكلة مجرد إضاعة وقت وتمكين إسرائيل من تثبيت نفسها في الأرض المحتلة واستنفاد ثروات البلاد العربية من دول المواجهة وغير دول المواجهة في شراء الأسلحة التي ستصبح بعد غد خردة يلقي بها في البحر ولابد من شراء أسلحة أخرى جديدة متطورة.
سينعقد مؤتمر كامب ديفيد في موعده إن لم يؤجل لكسب مزيد من الوقت وستؤكد إسرائيل على لسان بيجن وعصابته ما قالته مراراً لا انسحاب ولا اعتراف بالفلسطينيين وستعود أمريكا للكلام المعسول للعرب ويكرر بعض الحكام كيل المديح لأمريكا على صداقتها ومودتها وتبدأ الحلقة المفرغة في الدوران ويستأنف المندوبون والساعون في الخير أعمالهم من جديد ويستقبلهم حكام العرب ويودعوهم بمثل ما استقبلوا من حفاوة وتكريم.
هذا ما نتوقعه بمؤتمر كامب ديفيد ونرجو أن يخيب الله توقعاتنا على يد أمريكا ويحقق أمل حكام الدول العربية فيها لأنها قادرة على ذلك فعلاً إذا أرادت وإن كنا نعتقد أنها لا تريد إلا إذا أرادت إسرائيل وفي تصورنا أنه قد يلدن كل عجيب دون رضا إسرائيل خرق القتاد، على العموم.
والليالي من الزمان حبالي مثقلات مساكين نحن العرب أو على الأصح نحن المسلمون عندما قامت سوريا الشقيقة في حرب السنتين اللبنانية بضرب الفلسطينيين ومسلمي لبنان حماية للإنعزالين من مسيحي لبنان لم تقل أمريكا الصديقة شيئا وتركتنا نحن المسلمين يقتل بعضنا بعضاً أما عندما تدخلت سوريا لحماية جيشها الذي دخل لبنان بقرار من الدول العربية ضمن قوات الردع العربية لإنهاء الحرب اللبنانية عندما تدخلت للدفاع عن النفس تحركت كوامن الحقد الصليبي في قلوب أعضاء مجلس النواب الأمريكي فقرر بالأغلبية وقف جميع المساعدات الاقتصادية الأمريكية لسوريا فهلا أعدنا معا قراءة قول الله تبارك وتعالى (يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة) وأمر أمريكا هي الأخرى عجيب! فقد أبدى وزير خارجيتها السيد فانس تشاؤمه بعد تصريحات الرئيس السادات التي فيها (لا تفريط في شبر من الأرض العربية) رداً على تصريحات بيجن الذي صرح بأنه غير مستعد لإرجاع ذرة رمل من الأرض المحتلة العجيب أن التشاؤم جاء بعد التصريح العربي الذي كان أقل ما يمكن أن يقال في الرد عليه تصريحات بيجن المغرورة ولم يأت عقب تصريح بيجن.
وطالما اعتدت إسرائيل على بلد عربي اعتداءً سافراً وطالما اكتفت أمريكا بإبداء الأسف ولم تقرر منع المعونات أو حتى مجرد التهديد بذلك فلماذا !؟!