الاثنين, 05 سبتمبر 2011 17:13

أثرياؤنا في الخارج

قييم هذا الموضوع
(0 تقيم)

الشيخ وجدي طحلاوى صديق قديم منذ مدرسة تحضير البعثات في أواخر الخمسينات ثم فرقتنا ظروف الحياة ومطالب العيش وكنت أراه عندما كان موظفاً بالجيش السعودي ثم عندما ترك الوظيفة وخاض ميدان العمل التجاري ثم اختفي ولم أعد أراه حتى كنت أسأل نفسي أين هو الآن؟

وأخيراً عثرت عليه في أمريكا في صور وأخبار تقول أنه أصبح رجل الأعمال الأول في أمريكا لعام 79 فكان اغتباطي لوصول هذا الصديق لهذا المقام اغتباطاً كبيراً وزاد من اغتباطي ما جاء في صلب الخبر أو هذا الإعلان على الأصح – من أن الصديق الطحلاوى وأترابه السعوديين أقاموا أعمالاً في الولايات المتحدة ونشاطات خيرية واقتصادية.

ولكنى أفقت من صدمة الفرحة على تساؤل كبير: أين أعمال هذا الصديق الصناعية والتجارية في بلده وأنا لم أسمع ولم أقرأ عنها شيئاً؟ أين أعماله الخيرية لأبناء بلده؟ وما هو نوع الأعمال الخيرية التي قام بها في أمريكا وتذكرت غير الصديق وجدى من أبناء هذا البلد ممن يعيشون في أوروبا وأمريكا يشترون القصور ويشيدون الحدائق ويبنون اليخوت ولا يزورون وطنهم ولا في السنة مرة – كما كان يردد عبده الحمولي زورونا في السنة مرة – وقد قطع أكثرهم صلته به والبعض في طريقه إلى القطع.

تذكرتهم ورحت أبحث عن أسمائهم في الأعمال الخيرية التي قامت في طول البلاد وعرضها وبين المصانع والمؤسسات الاقتصادية فلم أجد لهم أثراً في الأولى ووجدت لبعضهم ذكراً في الثانية ولكنه من بقايا القديم الذي أسسوه قبل الهجرة والإقامة الدائمة.

تذكرتهم جميعاً وهم معروفون وقارنت بينهم وبين المغتربين في أمريكا وأوروبا من أبناء البلاد العربية الأخرى فوجدت أولئك خرجوا من بلادهم خاليي الوفاض طلباً للرزق فكافحوا وعرقوا وعملوا ونجحوا وشيدوا هناك ولكنهم لم ينسوا أوطانهم بل أن بعضهم عاد – وخاصة من السوريين واللبنانيين – إلى بلده ونقل ثروته ليستثمرها فيه ومن لم يرجع لارتباطه بديار الهجرة راح يساهم بماله في مشروعات بلاده الخيرية على الأقل وبعضهم أقام مشروعات خاصة بقريته وأبناء قريته.

بينما جمع مهاجرونا أموالهم من هنا ثم خرجوا بها ليعملوا ويؤسسوا ويشاركوا في مشروعات مهاجرهم وقنعوا من الهجرة بالحياة الناعمة والأرباح الوفيرة وعلى وطنهم ومواطنيهم السلام، تذكرت هذا وتذكرت ما قاله لي مسلم في أوروبا عندما كنت أعالج في بريطانيا العام الماضي: ما بال أثرياء العرب لا يستثمرون أموالهم في الغرب إلا في شراء الملاهي والمسارح والفنادق ووسائل الترفيه يشترونها بأبهظ الأثمان من مؤسسيها الغربيين بعد أن مجتها نفوسهم وكرهوا الاستمرار فيها فلم يجد من يخلفهم غير أثرياء العرب؟

تذكرت هذا وحزنت على هؤلاء الأخوة من أبناء بلدي وسألت الله أن يلهمهم الرشد فيردوا بعض جميل بلادهم ويرجعوا إليها ليشاركوا في مشروعاتها الصناعية والإنمائية والاقتصادية والخيرية.

وقبل أن أختم هذه الخاطرة أود أن أحيى المواطن الأخ وهبي طحلاوي وهو أخ الصديق وجدي طحلاوي الذي أبى إلا أن يقيم مشروعاته وأعماله داخل وطنه وفي خدمة بلده فحياه الله ووفقه للمزيد من ذلك.

معلومات أضافية

  • العــدد: 59
  • الزاوية: كل خميس
  • تاريخ النشر:
  • الصحيفة: المدينة
الذهاب للأعلي