الأحد, 07 أغسطس 2011 14:34

مشروع لنقابة المطوفين

قييم هذا الموضوع
(0 تقيم)

طالب الصديق الأستاذ عبد الله عريف بضرورة اهتمام الصحافة بمشكلة المطوفين بل مأساتهم ومحاولة الوصول إلى علاج حاسم لها قبل حلول الموسم القادم، ولقد سبق لي وللأستاذ السباعي أن أثرنا هذه المشكلة منذ سنوات وقبل أن تصل الحالة إلى وضعها الأخير، وكنا ننذر بهذه العاقبة ولكن إثارتنا للقضية عرضنا لسيل من الشتائم العلنية والسرية والهجوم السافر من كبار المسئولين عن الطائفة فهذا يقول أن دعوتنا للنقابة دعوة إلى الشيوعية وآخر يقول: أنها تدخل في أرزاق الناس المقسومة وثالث يزعم أننا نريد أن نعطى جهد عامل لهامل وكثير من التهم  التي نسيتها مع مر الزمان.

ولقد عرضنا فيما نشرناه لعديد من الحلول  التي رأيناها نحن و التي أمدنا بها بعض المطوفين ولكنها جميعاً لم تعجب البعض فاستطاعوا بما ألقوه في روع السذج من أبناء الطائفة من أن المسألة ستسير إلى إخراج المطوف من الصنعة أن يحصلوا على أغلبية معارضه لفكرة النقابة إذ كانوا ثلاث فرق: فرقة الكبار وأتباعهم ممن يستفيدون من بقاء الوضع، وفرقة أصحاب التقارير الذين ستقضى النقابة على تقاريرهم. وفرقة المطوفين الذين يبلغ عدد حجاجهم بضع مئات، وكنا نحن فرقة واحدة.. فرقة قليل عديدها، فرقة الذين ساءتهم الكرامة المهدورة والوضع الشائن والتبديد السفيه فانهزمنا مؤقتاً واعتزلنا المهنة نرقب الأحوال وننتظر النتيجة، فماذا كانت النتيجة؟!

كان الصديق الذي أعزه وأقدره الأستاذ بكر شرف وهو من أصحاب التقارير على رأس المهاجمين للنقابة ودعاتها فإذا به أول من يتنازل عن تقريره فراراً من المهنة  التي لم تعد تضمن له ما يتمتع به من عزة وكرامة كما إنحاز عدد كبير من أصحاب التقارير إلى دعاة النقابة وهكذا انضمت إلينا فرقة من الفرق المعارضة..

وفي موسم الحج الماضي لقيني عدد من المطوفين أصحاب العدد الكبير من الحجاج وهم يسخطون على ما وصلت إليه الحالة ويتساءلون في لهفة ماذا تم في أمر النقابة؟! يتمنون تحقيقها عاجلا، أما في هذا العام فقد تضاعف عدد الساخطين بعد أن أحسوا بتدهور الحالة من سئ إلى أسوأ وأدركوا مدى تورطهم وتضامنهم والشبح المخيف الذي ينتظرهم واحدا بعد الآخر.

منذ يومين فقط كنت أريد أن أدعو إلى تحقيق نقابة المطوفين فقط لبلوغ سوء الحالة منتهاها بينهم، كتجربة إذا نجحت طبقناها على بقية الطوائف وإن فشلت كانت درساً قاسياً نتعلم منه الكثير ولكنى قبل البدء في الكتابة فوجئت بصديق من مشائخ الجاوي يدخل على في مكتبي يحمل نشرات مطبوعة باللغة الجاوية وزعها أحد مشائخ الجاوي على حجاج غيره يشترط فيها على نفسه لكل حاج يسأل عنه ما يأتي:

1) ستون ريالاً سعودياً يدفعها هو إلى كل حاج.

2) تذكرة اركاب واحدة إلى المدينة وعرفات مجاناً لكل عشرة حجاج يسألون عنه.

3) مسكن ممتاز!! قرب الحرم الشريف.

فأدركت أن فساد الوضع ليس مقصوراً على طائفة دون أخرى وأن الإصلاح يجب أن يكون عاماً وشاملاً.

ولقد سبق لي أن قلت مراراً أن الحجاج ساخطون والمطوفون ساخطون وأن كل وضع للنقابة لا يضمن رضاء الطرفين سيقودها إلى الفشل المحتوم فالحجاج ضيوف ولهم علينا حق الضيافة والإكرام والمطوفون أناس وقفوا نفسهم على خدمة الحاج وتوفير وسائل الراحة له ومن حقهم أن تكون لهم الحسنى وزيادة ومن حقهم أن تتحسن أحوالهم كما تتحسن حال كل تاجر في بلاد تتمتع باقتصاديات ممتازة كبلادنا لا أن يظلوا هكذا في مستوى مستحقي الإحسان والعطف أبد الآبدين ودهر الداهرين.

من حقهم أن يصبحوا أصحاب رؤوس أمول تتلاءم مع ما يقدمونه من خدمات للحجاج.

ومن ثم فإني أطالب بأن تكون المهمة الأولى للنقابة هي العمل على ضمان المصلحة للجميع مطوفين وحجاجاً.

والنقابة كمشروع كامل مسألة هامة سبق أن أبديت فيها آراء كثيرة ولا أحب أن أتعرض لها بتفصيل وأقترح أن يجرى وضع المشروع الكامل من قبل لجنة ذات اختصاص وخبرة ولكنى أضع هنا وتحت أنظار المطوفين مبدأ من المبادئ التي أرى أن تقوم النقابة على أساسها ليبدى المطوفون وغير المطوفين رأيهم فيه وفي تعديله لعلنا نصل إلى النتيجة التي يريدها كل مخلص لوطنه ومواطنيه.

أولاً- أريدها نقابة مؤقتة تجريبية لمدة خمس سنوات من حق الجمعية العمومية للمطوفين إلغاؤها بعد مضى المدة إذا لم يكن الحال أحسن مما هو عليه الآن أو تحقق منها ضرر على الطائفة أو أكثرها ثم العودة إلى الوضع السائد الآن قبل تحقيق النقابة.

ثانياً- بدأ الحجاج  ينظمون أنفسهم في جمعيات وهيئات يزيد عددها كل عام وتختلف أسماؤها حسب ظروفها واستطاعوا بذلك أن يملوا شروطاً ويضعوا أحكاماً يتسابق المطوفون لقبولها، ويتناقضون في ثمنها حتى وصل الأمر ببعض المطوفين أن يقدم للحجاج مسكنه بمكة ومنى وعرفات مع الماء والإضاءة مجاناً وقبل آخرون أن يقدموا ذلك بأبخس الأثمان ومن ثمة فأتمنى أن يكون من أسس النقابة وجود تعاون بين المطوفين لضمان توفير الراحة للحجاج مع خفض النفقات.

ثالثاً- من الثابت أن المطوفين ذوى الأعداد الكبيرة من الحجاج يسلكون أحد طريقين إما الاستعانة بالسماسرة وإما التخفيض للحجاج في نفقات المسكن والماء ويقطع ذلك من المبلغ المخصص للخدمة وقناعتهم بما يعادل خمس ريالات كصافي ربح عن كل حاج ومنهم من لا يستطيع الخروج بهذا المبلغ بعد كل موسم ومع ذلك فهو قانع الآن بالمقسوم فليس في الأمر حيلة.

لذلك فإنني أرى أن يكون من أسس النقابة صرف ربع المصلحة فقط للمطوف وإحالة الثلاثة الأرباع لصندوق النقابة وبهذا لا يكون هناك مجال للسمسرة أو التغاضي عن الحقوق المطلوبة من الحجاج إزاء مسكنه ومشربه.

رابعاً- من حق كل بلد أن يضع القوانين  التي تحميه من تسلل المتسولين وذوى العاهات والعلة ومن أنهكهم الجوع والعرى والسفر الطويل وبلد الله هذا أحق بالصيانة من هذا النوع من الناس ومن صنف جديد ينبت بين الحجاج هذا الصنف هو حجاج يملكون ما ينفقون وزيادة ولكنهم يطمعون في تنافس المطوفين وتجذب أنظارهم الهدايا والأقمشة والسجاد وغير ذلك من معروضات الأسواق فيجيعون أكبادهم ويسكنون الشوارع أو يرضون بسكن ممرض موبوء بثمن بخس بغية الاحتفاظ بأكبر مبلغ ممكن من زادهم ليملأوا به حقائبهم وزكائبهم من الهدايا المختلفة.

والحج ليس مطلوباً من غير المقتدر، وغير المقتدر الذي يصر على الحج ظالم.. ظالم لنفسه.. وظالم لغيره ولا إثم كما أعتقد في الحيلولة بينه وبين هذا الظلم بوضع قيد على الحج يضمن تنفيذ شرط هام من شرط القدرة (لمن استطاع إليه سبيلا) وهو الزاد والراحلة كما اتفق على ذلك جميع الفقهاء...

فلابد إذن من أن يدفع الحاج من بلاده وقبل الحصول على تأشيرة الدخول نفقة مسكنه بمكة ومنى وعرفات وجميع تنقلاته وأن يحمل معه من النفقة ما يكفيه مدة إقامته إلى عودته.

خامساً- إن الشبح الذي يفزع المطوفين من النقابة هو شبح الوهم بأن مصاريف النقابة ومرتبات القائمين بها ستأتي على حساب مصلحة المطوف وقد تستنفدها جميعاً فتقوم النقابة حينئذٍ مقام السماسرة أو الحجاج ونكون كأننا يا بدر لا رحنا ولاجينا بل الخسارة أكثر والمصاب أفدح.

ولهذا فإنه يجب أن يكون من أسس النقابة أن يكون مساسها بمصلحة المطوف بقدر محدود جداً لا يمكن تجاوزه فتحدد نفقاتها مثلاً بالمبالغ المخصصة الآن في الخدمات لرؤساء الطوائف والهيئات مضافاً إليها مثلاً ريال واحد عن كل حاج من مصلحة المطوف وريال واحد من كل حاج مضافاً إلى المصلحة باعتبار أن النقابة إنما تخدم مصلحة الطرفين فعلى المطوف والحاج أن يساهما في موازنتها على أن تغطى الحكومة كل نقص بعد ذلك - إن فرض وهو بعيد الاحتمال - من موازنتها باعتبار أن النقابة ستخدم مصلحة البلاد والقيام بكثير من الأمور التي تؤديها الحكومة الآن من تنظيم شئون الحجاج.

سادساً- يخشى المطوفون النقابة لأنهم يشفقون من وضع مصائرهم في يد عدد محدد منهم وقد خيروا الانتخابات وعرفوا كيف يفوز بالأغلبية من يريد أن يفوز بها لا من يريدوهم وجربوا مهزلة الوكالة في التصويت للنساء والعواجز والغائبين ومن ثمة فإن لزاما أن تكون انتخابات النقابة على الأسس الآتية:-

(1) حق التصويت فقط للبالغ الذكر الذي يؤدى بنفسه ولا صوت للغائب ولا للمرأة ولا للصغير.

(2) جمعية عمومية من مائة مطوف.

(3) مجلس إدارة من عشرة أعضاء ينتخبون من بين المائة بالانتخاب السري.

سابعاً- إجراء إحصاء عام للمطوفين الموجودين حالياً وقفل باب المعلمانية واعتبار الشركاء منفصلين واعتبار النقابة شركة مساهمة توزع سهمها على عدد المطوفين للذكر منهم سهمان والأنثى سهم واحد ثم يجرى التوارث بينهم بالوجه الشرعي مستقبلاً.

ثامناً- تعمل النقابة بالاشتراك مع أحد البنوك وليكن البنك الأهلي مثلاً ومساعدة الحكومة على المسارعة في إنشاء مدينة للحجاج بمكة في الموضع الذي يجرى اختياره على أن يتقاضى البنك تكاليف هذه المدينة من واردات النقابة أقساطاً ثم تصبح المدينة ملكاً للمطوفين يتقاضون إيجار الإسكان فيها كل عام على أن تكون مدينة مثالية يراعى فيها أحدث الطرق المريحة المبسطة التكاليف مع ضمان الهواء والماء والنور والمواصلات والشوارع والمرافق والمطاعم ولنعمل كل سنة مدينة لنوع من الحجاج ولو أمكن أن تكون في منى أو قريباً من منى كان أحسن.

تاسعاً- حرية الحاج في اختيار أي مطوف يريده يجب أن تكون مكفولة ولا يصح أبداً أن يوزع الحجاج على المطوفين كما يوزعون الآن على سيارات الشركات.

عاشراً- تحديد العلاقة بين الحاج والمطوف وواجبات كل منهما تجاه الآخر ووضع آداب لهذه العلاقة لا يصح تجاوزها ووضع عقوبات مشددة وصارمة لكل قصور أو إهمال يصدر عن المطوف وتطبيقها بدون هوادة وتعيين لجنة لمحاكمة المطوفين وتقرير العقوبات وتنفذ فوراً بمجرد تصديقها من مجلس الإدارة.

هذه هي الأسس العشرة التي أرى أن يوضع على ضوئها مشروع النقابة وهي قابلة للملاحظة والتعديل أرجو أن يكون فيها الخير أو بعض الخير لهذه الطوائف الكريمة من خدمة ضيوف الله. والله الملهم للصواب.                   

معلومات أضافية

  • العــدد: 110
  • الزاوية: غير معروف
  • تاريخ النشر:
  • الصحيفة: حراء
الذهاب للأعلي