مازلت أتلقى سيلاً من الرسائل الشفوية والتليفونية والكتابية من بعض إخواننا المطوفين الذين يشاركوني الرأي في أن مهنة التطويف لم تكن على ما يرام وأنها بحاجة إلى إصلاح سريع قبل أن تتردى إلى أسفل ويستفحل الداء ويستعصى الدواء، إلا أنه مع الأسف الشديد لا تحمل هذه الرسائل أي حل أو شبه حل للمشكلة بل هي مجرد نعى على بعض المطوفين الذين يساومون الحجاج على القيام بجميع خدماتهم بطريق المناقصة، فهذا يقبلها بثلاثة جنيهات وآخر بأقل بقليل وثالث بأقل بكثير وتعجب من كيفية إمكان ذلك مع غلاء الأجور وارتفاع التكاليف وسخط على بعض المطوفين الذين يبددون وارداتهم على السماسرة؛ فهذا يعطى للسمسار جنيهين وآخر يعطيه ثلاثة على كل حاج، وقد تزيد وقد تنقص حسب حالة العرض والطلب.
وكلهم يطالبون بالإسراع في إصلاح الوضع ولكنهم لا يريدون أن يكتبوا أو يوقعوا على شيء حتى يعرفوا التفصيلات خوفاً من أن يأتي الإصلاح المقترح مجحفاً بمطالبهم ضاراً بحقوقهم.
وقد سبق أن قلت ومازلت أردد إنني لا أريد أن آتى بمقترحات غير مدروسة فتحدث بلبلة في الأفكار وتشويشاً للخواطر وأود أن يوضع مشروع الإصلاح المنشود بإشتراك مجموعة من شيوخ وشباب المطوفين ليكون محكم الوضع مسدود الثغرات ضامناً لمصلحة الجميع.
لقد شرفني بالزيارة مطوف يعتبر في الدرجة الأولى من المطوفين من حيث العدد والعمل وأبدى لي ارتياحه لما أدعو إليه من إصلاح في مهنة التطويف وأقنعني بسلامة طريقته في العمل من أجل زيادة عدد حجاجه طالما أن السوق أصبحت نوع من التجارة الحرة الخاضعة للمناقصات وأنه لولم يعمل هكذا لما أستطاع أن يحصل على عشر حجاجه الحاليين بالتالي لانخفض صافي إيراده إلى أقل من عشر إيراده الحالي.
وقال لي في ختام حديثه: ومع ذلك فإنني أرحب بكل حل يراه إخواني المطوفون بشرط ألا تتأثر مصالحي بهذا الحل فلا تنخفض إيراداتي عن مستواها الحالي على الأقل.
والذي أريد أن أؤكده لإخواني المطوفين جميعاًَ إنني أتوخى فيما أريده من إصلاح لوضع مهنة التطويف هو:
(1) خدمة حجاج بيت الله وجعل أداء هذه الفريضة كرحلة عادية مريحة كأي رحلة إلى بلد آخر والتخفيف بقدر الإمكان من متاعب هذه الرحلة ومشاقها وذلك بـ:
أ- التعاون مع الحكومة على توفير وسائل الراحة.
ب- المساواة بين أفراد كل طبقة من الحجاج في الخدمات بحيث يختار كل حاج الدرجة التي يريد فتقدم له الخدمات على أساسها فيتساوى حجاج كل درجة في الخدمة لدى جميع المطوفين وتصبح خدمات هؤلاء متناسقة بحيث يصبح جميع المطوفين وكأنهم أسرة واحدة أو شركة واحدة ذات فروع موحدة العمل.
(2) عدم المساس بمصالح أحد من المطوفين الحالية بل صيانة المصالح المبددة بين استغلال الحاج واستغلال السمسار، وفي اعتقادي أن التنظيم الذي أدعو إليه سيزيد من مصالح هؤلاء المطوفين ومازلت أتصور اليوم الذي يصبح فيه للمطوفين عقار بل مدينة كاملة يسكنون بها حجاجهم وسيارات وشركات وثروة ضخمة يتوارثها الأحفاد والأبناء.
وبعد. ألا يرى السادة رؤساء الطوائف أنه قد طال الكلام في هذا الموضوع دون جدوى عملية وأنه قد آن الأوان لعقد مؤتمر يشترك فيه عدد من خبرة المطوفين شيوخاً وشباباً لبحث المسألة ودراسة هذه المشاكل والاستماع إلى ما يقترح لها من حلول والخروج بقرار عام توضح فيه أسس مشروع الإصلاح ثم يستفتى عليه جميع المطوفين.
أعتقد أن رؤساء الطوائف يرون في المهنة أكثر مما أرى وأن غمض العيون على الطريقة النعامية هذه لا يجدي ولابد من الصراحة والجهر بالحق والله الملهم للصواب.