ذكرني الاقتراح الوجيه الذي ورد في المقال القيم للأستاذ حسن كتبي المنشور بصحيفة البلاد الغراء الذي أهاب فيه بفقهاء الإسلام أن يضعوا نظاماً كاملاً سليماً للحج يراعى فيه الفروق الزمنية واختلاف الوسائل بين عصر الإسلام الأول والعصر الحديث..
ذكرني هذا الاقتراح بما يعمد إليه خطباء المساجد عندنا في كل عام في موسم الحج من إيراد صفة حج النبي -عليه الصلاة والسلام- وحث الحجاج أن يحجوا كما حج تماماً ويحذروهم من الذبح بمكة لأنه غير جائز ووجوب الذبح في منى.
ولو أراد الحجيج كله أن يأخذ بدعوة هؤلاء الخطباء لدقت الأعناق وكسرت الرواحل وتوقفت الحركة تماماً ولولا رحمة الله التي تمثلت في اختلاف المذاهب الأربعة لكان الحج عملية جد شاقة.
فلو أراد الحجيج كله أن يخرج دفعة واحدة من مكة ليخرج يوم التروية متجهاً إلى منى ليصل فيها الظهر والعصر والمغرب والعشاء وفجر اليوم التاسع ثم يتحرك كل الحجيج دفعة واحدة أيضاً إلى عرفات لو وقع هذا فعلاً لما تحركت سيارة واحدة من مكة ولما وصل إلى منى أحد من الحجيج إلا بعد فوات وقت الظهر والعصر والمغرب وربما العشاء ولو تحركوا من منى كلهم في صبيحة يوم التاسع لانتهى وقت الوقوف قبل أن يصل كل الحجيج إلى عرفات..
ونفس الحال سيتكرر لو أخذنا بنظرية هؤلاء الخطباء وألزمنا الحجاج عامة أن يبيتوا بمزدلفة حتى الفجر ثم يدفعوا في وقت واحد إلى منى.
من المشاهد الذي لا ينكر أن ربع الحجاج يصعدون إلى عرفات قبل يوم الثامن والنصف يوم الثامن والربع هو الذي يتأخر إلى يوم التاسع كما أن من المشاهد أيضاً أن ربع الحجاج ينفرون من مزدلفة قبل نصف الليل والنصف ينفرون بعد منتصف الليل والربع فقط هو الذي ينتظر الفجر هذا هو المشاهد وهذا هو الواقع فعلاً نتيجة لتيسير بعض الفقهاء وأخذهم بالنص الميسر وعدم تكليفهم المسلمين بأن يحجوا كما حج -عليه الصلاة والسلام- تماماً ولم يكن الحج عند إصدار هذه التشريعات بهذه الكثرة وبهذه الوسائل فكيف لو شاهد واحد منهم هذا الذي يلقاه الحجاج الآن مما يجعل إلزام الحاج بأن يحج كما حج الرسول أمراً يكاد يكون مستحيلاً.
لم أسمع خطيباً واحداً يحاول التيسير على الحجاج فيقول لهم مثلاً أن الإمام مالك أجاز المكث في المزدلفة بقدر حط الرحال ثم النفرة منها دون حاجة إلى انتظار الفجر ولم اسمع واحداً منهم قط قال لهم إمضاء يوم الثامن في منى إلى فجر يوم التاسع مجرد سنة لا ضير من تركها إذا سببت مشقة..
أما وجوب ذبح الهدى في منى فإني ألاحظ عليهم وعلى أكثرية خطباء المسجد الحرام تحذير الحجاج من الذبح بمكة والفتوى بعد إجرائه ويصرون على التمسك بحديث خذوا عني مناسككم ولا يعرج واحد منهم على حديث (افعل ولا حرج)..
وفي اعتقادي أن الإسلام لا يرضى بحال عن هذه النتيجة التي توصلنا إليها نتيجة الإصرار على الذبح في منى وفي اعتقادي أيضا أن فقهاء الإسلام لن يعدموا فتوى يخرجون الناس بها من هذا الوضع الذي أصبح فوق الطاقة بل أصبح يهدد الحجاج بأخطر الأوبئة..
وهكذا أصبح من الضروري الأخذ باقتراح الأستاذ حسن كتبي وتشكيل المجلس الاستشاري الشرعي لبحث مشاكل الحج هذه ووضع تعليمات ميسرة لتأدية هذا النسك في سهولة ويسر على أساس من مرونة الإسلام بصورة عامة وأسلوب الرسول في توجيه الحجيج الذي كان يقول لكل سائل (افعل ولا حرج)..
فهل يتبنى مجلس الرابطة الإسلامية بمكة هذا الاقتراح ويشكل المجلس المطلوب ويطلب إليه وضع هذه التعليمات ليتنادى بها كل الخطباء في مواسم الحج بدلاً من هذه التعسيرات التي ينادون بها كل عام؟
أرجو.. أرجو..
حلول لمشاكل المرور
كتب الدكتور عبد الله مناع في زاويته اليومية بصحيفة البلاد الغراء (صوت البلاد) كلمة تعرض فيها للعناء الشديد الذي صادفه الناس في الطريق بين مكة ومنى حتى قضوا سبع ساعات في قطع المسافة التي لا تجاوز العشر كيلو مترات وكيف آثر الناس المشي على الأقدام..
واقترح الدكتور إنشاء خطوط سكة حديدية أو ترام كوسيلة للنقل بين مكة ومنى فقط..
وفي رأيي أن مشكلة التصعيد كل لا يتجزأ تبدأ من صبيحة يوم الثامن من قلب شوارع مكة ولا تنتهي إلا بانتهاء أيام التشريق والجزء الخاص بالانتقال من مكة إلى منى يوم النحر سهل الحل لو أن رجال المرور سمحوا بوصول السيارات عن طريق المدرج إلى جمرة العقبة والعودة منها في نفس الطريق ومنعوا وقوف السيارات هناك إذ أن قطع شارع منى على الأقدام سهل على أكثر من نصف الحجاج فلو فتح هذا الطريق لخف الضغط كثيراً على السير داخل شوارع منى.
واتخاذ الترام كوسيلة للتصعيد لا يكون ناجحا إلا إذا سار أيضا في شوارع مكة لأن نقل الحجاج من داخل مكة إلى محطة خارجها على السيارات سيبقى المشكلة كما هي ولأن أزمة السير ليست في الطرق ولكنها داخل الشوارع في مكة ومنى ومزدلفة.. وعربات الترام داخل المناطق المزدحمة ليست أحسن سيراً من السيارات في نفس المناطق ولعل الدكتور لاحظ المصير الذي انتهى إليه ترام بيروت وكيف يمضي فيه الراكب الساعات الطويلة نتيجة لتوقيفه بصورة تشبه (السرا) عندنا وقد بدأت الدول تلغي استعمال الترام وتستعين بوسائل أفضل.
أما عقدة العقد في مشاكل السير عندنا فإنها تتلخص في الآتي:
1- إصرار المرور على تنفيذ نظام الاتجاه الواحد في شوارع لم تعد لهذا النظام، ولتنفيذ هذا النظام عندنا ثلاثة مساوئ أولها شدة الضغط على السير بإرغام كل من تجاوز نقطة وأراد العودة إليها ولو كانت المسافة بضعة أمتار إرغامه بالمضي إلى الإمام والسير مسافات طويلة لفاً ودوراناً لا مبرر له. وثانيهما إتاحة الفرصة لكل من يريد الوقوف..
أما الثالث فهو مزاحمة السيارات بعضها لبعض وتصادم بعضها وتوقفها للتفريغ أو التحميل دون أي اكتراث بما وراءها..
وفي اليوم الذي يرجع المسئولون عن المرور عن إصرارهم على نظام الاتجاه الواحد داخل مكة ومنى فقط ويتركون المرور حراً في اتجاهين تحل نصف المشكلة فليجربوا ذلك ولو مرة واحدة ليروا النتائج بشرط واحد هو الحزم في منع الوقوف في المواقع المحظورة..
2- مخالفة السائقين لنظم المرور وكلنا نعرف كيف يتحدى أكثرهم إشارة المرور وتعليمات المرور ما لم تتجمع ثلة كبيرة مزودة بالهراوات الغليظة، حتى سائقي السيارات الأجنبية أصبحوا يخالفون كل تعليمات المرور اقتداء بما يفعله سائقونا.
3- ضعف الوعي المروري عند أكثر جنود المرور فكثيراً ما يتوقف المرور ويتوقف معه الجندي دون أي تصرف وكثيرا ما سبب الجنود أزمات مرورية بسبب سوء فهمهم للتعليمات، وأبسط مثال على ذلك ما وقع يوم الثامن من ذي الحجة، فقد كان الاتجاه واحداً نحو الباب والشبيكة عبر جرول وكان المفروض أن تتجه السيارات إلى خطى جبل الكعبة وريع الرسام فيتياسر من يريد الشامية ويتيامن من يريد المسفلة أو شارع الملك غير أن الذي حصل هو قفل لخط ريع الرسام وتركه خالياً وتحويل خط جميع السيارات إلى خط جبل الكعبة وارتباكها عند ميدان الشبيكة بسبب تقاطع الاتجاهات هناك الأمر الذي جعل المسافة بين جرول والغزة تقطع في أربع ساعات وهي لا تزيد على خمسة كيلومترات والجنود الذين يستعان بهم في موسم الحج بعد استقدامهم من مختلف بلدان المملكة الأخرى يزيدون الطين بلة ولا يملكون القدرة على مواجهة تحديات السائقين.
4- الاستثناءات التي تعامل بها بعض السيارات الخاصة والإسعاف والثلج والشرطة والبلدية وغيرها والتي يسمح لها بالسير في اتجاه معاكس لسير المرور العام وما يحدثه هذا السماح من ربكة واضطراب ومحاولة بعض الناس الاقتداء بهذه السيارات واقتصار الطريق والسير في الاتجاه المعاكس.
ولكي نحصل على مرور أفضل وأحسن وأكثر انتظاما ينبغي أن نحقق الوسائل الآتية:
أ- نختصر في استعمال الاتجاه الواحد على الطرق ثم الشوارع الضيقة التي لا تتسع لاتجاهين وترك السير حراً في اتجاهين في بقية الشوارع ومنع وقوف السيارات في الشوارع الضيقة منها باتاً وعليها أن تتجه للوقوف في المناطق الواسعة وعلى ركابها أن يمشوا بعض الخطوات للوصول إليها فليس شرطاً أن يخرج الإنسان من الباب إلى السيارة وليس شرطاً أن يوقف كل إنسان سيارته أمام دكانه أو أمام بيته أو مقر عمله بل يجب تحديد المناطق التي يجوز فيها الوقوف والتي لا يجوز وتطبيق ذلك بدقة ومعاقبة المخالف.
ب- العمل على فرض احترام رجال المرور بفرض العقوبات الناجزة وتنفيذها.
ج- إعداد رجال المرور جنوداً وصف ضباط إعداداً يضمن حسن التصرف وسعة الإدراك وسرعة البديهة ومضاعفة عددهم بدرجة تسمح لهم بقسط من الراحة بطريق التناوب أما هذا الذي يقع من العمل المتواصل أيام الحج فإن فيه من الإرهاق والعنت ما يبعث على السأم واللامبالاة..
د- إلغاء الاستثناء والامتيازات بالنسبة لجميع السيارات وعليها أن تسلك نفس الطريق الذي يسلكه الحجيج إن كان في اتجاه واحد أو اتجاهين.
هـ- تخصيص ضابط لكل ثلاثة كيلو مترات من طريق الحج من عرفات إلى مكة وعلى كل خط من خطوط السير يكون عمله قطع مسافته على دراجة نارية ذهاباً وإياباً كلما شعر بوقوف خط السير لخل ما يعرض من مشاكل والاتصال بضابط المنطقة التي تليه لمعرفة سبب التوقف والتعاون على استئناف السير فقد شوهد أكثر جنود المرور وضباط الصف يقفون في أماكنهم لا يدرون عن أسباب التوقف شيئاً ولا يعملون أي عمل لاستئناف السير ولأن هيبة الضابط وقدرته على تسيير الأمور تفوق كثيراً قدرة الجندي..
هذا ما أرى أن يبحثه المسئولون عن المرور ويدرسون له من كافة نواحيه تمهيداً لتنفيذه إذا اقنعوا بصوابه والله الملهم للصواب.