الاثنين, 22 أغسطس 2011 01:34

عزيزة قوم

قييم هذا الموضوع
(0 تقيم)

قال محدثي:

سيدة ربيت في النعيم ونشأت في بيت عز ثم شاء الله – وهو الحكيم الخبير – أن يتغير الحال فذهب الآباء والأقرباء وتقلص ظل النعيم وتهدم بيت الزوجية تاركا خلفه بنين وبنات وفر الزوج وترك الزوجة لتبيع في حليها وفرشها وما تملك من أجل تربية أولادها ونفد المال وكبر العيال ومات من مات وتزوجت البنات وترعرع الولد وأوشك أن يحقق الله به الأمل وتكاد أن تطمئن النفس. وفي غمرة هذه الفرحة تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن فتقع الكارثة وتذهب إحدى يدي الولد وإحدى رجليه فيرجع إلى أمه ليظل قابعا في البيت ويضطرها للخروج مرة أخرى والسعي للإنفاق عليه وقد نفد كل ما تملك فترغم على سؤال الناس فيعطيها من يعطيها ويصدها من يصدها وتثقل عليها هموم الحياة فتهرم قبل الأوان، وعلى الرغم من هذا فقد كانت تزورنا كثيراً وما سمعتها قط تشكو من قسوة الحياة ومتاعب الدنيا بل تلهج لقد هاجمني المرض فأقعدني عن السعي فجن جنون ابني القعيد وخرج في غير شعور إلى الشارع يصرخ في جزع من المصير فهدأت من روعه وتجلدت وخرجت أسعى رغم قسوة المرض ثم سكتت تلتقط أنفاسها وتجفف ما انهمر على خديها من دموع بطرف ملاءتها ثم استطردت تقول:

ليس هذا هو المهم فأنا سأخرج وسأخرج مهما كلفني الأمر للسعي من أجل حياتي وحياة ابني ولكني أخشى شيئاً واحداً هو أن يدركني الموت وأنا بالشارع فلا يعرفني أحد ثم أدفن ولا يدري عني ابنى ولا يجد من بعوله فيموت كمداً أو يجن حزناً هذا الخاطر هو الذي يقض مضجعي ويؤرقني ولو صرفه الله عني لكنت في نعمة ولظللت أحمد الله على حالي واستسلم لقضائه!!

قال محدثى: واستطعت أن أخفف عنها واطمئنها إلى أن الله الذي خلقها وخلق وحيدها من العدم قد تكفل برزقهما كما يرزق الطير تغدوا خماصاً، هذه السيدة لا يدري عنها إلا أمثالي ممن لا يملكون لها نفعاً يذكر، أما أولئك الذين آتاهم الله من فضله وأسبغ عليهم نعمة ظاهرة وباطنة فإني لأمثال هذه المسكينة أن تصل إليهم، ورحت أهمس وأفكر وتتوارد الخواطر على ذهني فتقلقني ولم أزل كذلك حتى هداني تفكيري إلى أن آتيك فأنفس عن قلبي بقص هذه القصة عليك وقد كان ما أردت فقد بدأت أحس وكأن حملاً ثقيلاً قد نزل كاهلي.

قلت أو تأذن لي أن أنص حادثتك هذه على هيئة صندوق البر؟! قال: نعم وعلى كل مسلم ولك من الله الأجر. قلت سأفعل.

معلومات أضافية

  • العــدد: 1434
  • الزاوية: غير معروف
  • تاريخ النشر:
  • الصحيفة: البلاد
الذهاب للأعلي