"نحن والأقدار" تمثيلية مصرية تصور مأساة رجل عرف ماذا سينزل بساحته من نوائب في مستقبل الزمان والحالة التي سيلقى حتفه عليها والسن الذي سيدركه فيه الموت فعاش بقية حياته معذب النفس ينتظر الحادث تلو الحادث وعلى الرغم من وقوع جميع المقدمات التي أخبر بوقوعها فإن الخاتمة لم تأت كما كان منتظراً ولم يمت في السن ولا على الحالة التي أخبر بها سلفاً.
والمتتبع للتمثيلية يجدها أيضاً تصور رحمة الله بنا من حكمة إخفاء ما تجيئه الأقدار ولو علم أحدنا الغيب بخيره وشره لكانت نسبة الشقاء من هذا العلم أضعاف نسبة السعادة فالعذاب الذي يتخلل لحظات الانتظار يفوق لذة ساعات السعادة ووقوع البلاء أهون بكثير من ساعات انتظاره.
واستماعي لهذه التمثيلية من الراديو ذكرني بالقراء الذين يهتمون بما تلجأ إليه بعض الصحف العربية - بل أكثرها - من تدجيل وتضليل تحت عنوان "أتنبأ لك" أو "حظك هذا الأسبوع" أو "أنت والنجوم" وأشباه ذلك مما يزعمون فيه العلم بما سيحصل للقارئ مستقبلاً إذا كان من مواليد يوم كذا أو كذا.
فلماذا نسال عن المستقبل؟! لماذا نريد أن نعرف ماذا سيقابلنا من مشاكل ومتاعب؟!
ماذا تكون النتيجة لو كان الجواب مثلاً.. مرض.. مشاكل عائلية.. متاعب عملية.. زواج غير موفق.. مال كثير.. وظيفة محترمة.. جائزة. إلخ هذه التنبؤات السخيفة؟! وكيف تمر هذه الساعات في انتظار ذلك سواء كان شراً أو خيراً؟1
لماذا لا تترك المقادير تجرى في أعنتها – كما يقول الشاعر؟!
إن حكمة الله – بل رحمته – هي التي أرادت لنا ألا نعرف شيئاً عن المستقبل بخيره وشره فلنحمد الله ونسأله العافية.