مضت سنوات كثيرة على فكرة تفرغ الأطباء وصرف بدل تفرغ لهم ولا شك أن وزارة الصحة اكتشفت سلبيات وإيجابيات تنفيذ هذه الفكرة وأصبحت الصورة أمامها واضحة ولا تثريب ولا عيب في الرجوع عنها إذا كانت سلبياتها أكثر من إيجابياتها وإذا كانت لنا ملاحظات عن تنفيذ هذه الفكرة فإننا نوجزها فيما يلي:
أولا: إن وزارة الصحة خسرت الكفاءات الممتازة من أطبائها الذين آثروا ترك الوظيفة وافتتاح عيادات خاصة بهم سواء من السعوديين أو غير السعوديين.
ثانيا: إن الإقبال على وظائف الوزارة وفي حدود رواتبها المحددة أصبح ضعيفا من الكفاءات الطبية حتى امتلأت المستشفيات بالخريجين الجدد وقلما يوجد أطباء أخصائيون على مستوى رفيع من الخبرة الطبية وخاصة أن المستشفيات الخاصة تدفع مرتبات ومميزات أكثر، وقد أغرى بعضها فعلا بعض الأطباء العاملين في مستشفيات الحكومة وأخذهم منها.
ثالثا: التزاحم شديد على المستشفيات والعيادات الخاصة – وليس هذا حسدا ولكنه تنبيه إلى ظاهرة غير صحية فإما أن تكون الأمراض بيننا متفشية بشكل مفجع وإما أن الثقة في المستشفيات الحكومية ضعيفة ولا عبرة بالإحصاءات التي تنشر عن عدد المراجعين لها فإن كثيرا من مراجعيها يضطرون إلى مراجعة العيادات أو المستشفيات الخاصة بعد إحساسهم بعدم الاستفادة، أما سبب عدم الاستفادة في نظرنا فهو أن وسائل وطرق الكشف على المرضى في المستشفيات الحكومية لا يوحي بالثقة عند المريض وبالتالي لا يمكن الطبيب من التشخيص الصحيح ولا يخفي الأثر النفسي عند المريض عندما يشك في طريقة الكشف رغم ما تبذله وزارة الصحة من جهود كبيرة في زيادة عدد الأطباء وإنشاء المستوصفات المساعدة للمستشفيات في مختلف نواحي المدينة إلا أن التفتيش والمراقبة على سير العمل في هذه المستشفيات والمستوصفات يكاد يكون مفقودا.
رابعا: إن بعض المستشفيات الخاصة لا تزال لا تتقيد بالتعرفة بل تلجأ إلى وسائل لزيادة التكاليف على المرضى بالتحاليل والأشعة والنوم بالمستشفي وفي ذلك إرهاق للكثير من المواطنين كما لاحظ بعض المواطنين على المستشفيات الخاصة أنها تتقاضى ليلا وحين لا يكون إلا طبيب عام تعرفه الطبيب الأخصائي.
خامسا: التضييق الذي تلجأ إليه مستشفيات وزارة الصحة في مواعيد زيارة المرضى يدفع المواطنين إلى الذهاب إلى المستشفيات الخاصة التي تبيح الزيارة أي وقت ليتمكنوا من الاطمئنان دائما على مرضاهم ولا يوجد أي فرق في الهدوء والسكون بين المستشفيات الأهلية ومستشفيات وزارة الصحة ولا فائدة تذكر من هذا التضييق سوى دفع المواطنين إلى تفضيل، المستشفي الخاص.
سادسا: إننا نعتقد أن إفساح المجال لفتح العيادات الخاصة لجميع الأطباء خارج وقت دوامهم يحقق الأهداف التالية:
1- تشجيع الأطباء من مختلف التخصصات على التوظف والعمل بمستشفيات وزارة الصحة وغيرها في ساعات محددة وتوفر الأطباء لديها للعمل فترتين كاملتين بدلا من فترة ونصف.
2- وجود المزيد من العيادات الخاصة طيلة النهار والليل فالذين يعملون في الفترة الأولى يفتحون عياداتهم خلال الفترة الثانية والعكس بالعكس.
3- تحسين أحوال الأطباء المادية لأن بدل التفرغ مهما بلغ لن يرضي طموح الطبيب الذي أفنى شبابه في دراسة الطب لأن الطب عمله الوظيفي يسلكه في عداد ذوي الدخل المحدود بينما عيادته الخاصة تحرره من هذه المحدودية وتدفعه لمزيد من العمل لتحقيق مزيد من الدخل.
4- إن صرف راتب الطبيب الآخر وتشغيله وقتا كاملا والسماح له بالعمل في بقية الوقت لتحسين حاله أفضل بكثير من صرف 80% لطبيب موجود للاستفادة منه نصف الوقت وقتل روح الطموح فيه إننا نضع هذه الملاحظات تحت نظر وزارة الصحة.
ونرجو أن تكون موضع دراستها للاستفادة من الكفاءات الموجودة في البلاد استفادة كاملة وتوفيرا للأطباء وتسهيلا للعلاج والله من وراء القصد.