أكتب هذه الكلمة وأنا أتخيل أنني واحد من أولئك الذين قال عنهم المتنبي:
وكم من عاتب قولا صحيحا وآفته من الفهم السقام
وذلك ناشئ عن عدم فهمي لما يسمى بالشعر الحر الذي لا يلتزم بقافية ولا وزن وقد رأيت أن أشرك القراء في بعض ما قرأت لعل واحدا منهم فهم ذلك المعنى الذي يقولون أنه في بطن الشاعر، نعم أرجو ممن يفهم معنى هذه القطعة من الشعر الحر أن يفهمني ماذا في بطن الشاعر؟! وأن يقول لي أين روح الشعر وأين الشاعرية التي تكمن بين سطور هاتين المقطوعتين فقد عصرت مخي طويلا محاولا أن أفهم ماذا يقصد كاتب هذا المسمى شعرا ولا أقول ناظمه.
وإذا لم يستطع أحد إفهامي ذلك أرجو من القراء أن يقولوا لهؤلاء الذين يسمون مثل هذا الكلام شعرا أن يطلقوا عليه بعد الآن ما يشاءون من أسماء إلا أن يكون شعرا، ولعله كما سماه الصديق الدكتور حسن نصيف في تساليه "نعرا" فما أدري أين أصنف هذا الشاعر بين أصناف الشعراء الأربعة؟!
من يسمعني؟ من يسمعني
وأنا أنقر هذا الدف المتآكل
في مدن الطاغوت
من يفتح أرتيجة الصمت
المتطاول في صدا التابوت
من يسمعني غير الجدران المذعورة
من طريح الريح ووقع الأقدام المنسربة
من حجرات الرعب ووهوهة الدم المتفجر من مجرى الأنهار
من نسخ الأشجار من شقة الأطفال
فأين روح الشعر وموسيقاه وحلاوته في هذا الكلام المشعور؟! وأين هذا الكلام من قول شاعرنا العربي:
إذا الشعر لم يهززك عند سماعه فليس جديرا أن يقال له شعر