روى الصديق العزيز الأستاذ حسن عبد الحي قزاز في عموده الثابت (على الريق) المنشور بجريدة المدينة الغراء عن معالي الدكتور غازي القصيببي اعتزامه فتح أبواب البلاد للراغبين في فتح عيادات خاصة لكل التخصصات من الأطباء وبأعداد كبيرة وقال معاليه أن المدينة المنورة ليس فيها سوى ست عيادات خاصة منها ثلاث عيادات أسنان..

أما السبب في هذا الفقر المدقع في العيادات الخاصة في كثير من مدن المملكة وليس في المدينة المنورة وحدها وربما شذت عن ذلك مدينتي الرياض وجدة فإنه نظام التفرغ الذي ابتدعته وزارة الصحة في عهدها الأسبق ولولا نفر من خيرة أطباء تلك الفترة ضحوا بالمناصب التي كانوا يحتلونها وآثروا الخدمة العامة والعيادة الخاصة على الوظيفة والمنصب لظلت أكثر المدن بدون عيادات خاصة..

ولقد كتبنا أكثر من مرة نسترعى الانتباه إلى أن نظام تفرغ الأطباء هذا سيؤدي حتما إلى حرمان البلاد من كفاءات نادرة تعمل في مختلف المجالات الحكومية الطبية وخاصة الجامعات وتحمل خزينة الدولة بدلات تفرغ لا داعي لها واقترحنا أن يكون التفرغ اختياريا فمن اختار التفرغ صرف له البدل ومن اختار عدم التفرغ سمح له بفتح عيادة وصرفنا البدل الذي يبلغ 80% من الراتب إلى طلب إضافي فنكون بذلك قد اصطدنا طيرين بحجر واحد سددنا حاجة البلاد من العيادات الخاصة بل وفرنا الكثير منها وخففنا الضغط على الموجود منها وعلى مستشفيات الحكومة وفي الوقت نفسه زدنا عدد العاملين في مستشفيات الحكومة بدون خسارة تذكر وشتان بين طبيب يعمل فترتين كموظف وطبيب يعمل فترة واحدة كموظف وأخرى كعمل حر يحسن به أحواله وموارده ويخدم مواطنيه.

ولا شك أن تواجد العيادات الخاصة فيه رحمة بالمواطنين غير القادرين على مراجعة المستشفيات الخاصة لأسلوب بعضها في التعامل مع المرضى بزيادة المصاريف من الإحالة إلى الأشعة والمختبرات وربما التنويم بالمستشفي.

ولعلها مفارقة عجيبة أن يمنع الطبيب - والبلاد أحوج ما تكون إليه - من العمل الحر في وقته الزائد بينما يسمح للمهندس والمحاسب استغلال هذا الوقت ويجرى التفكير في السماح للموظف الحكومي بممارسة الأعمال الحرة.

إننا نقرب المشوار على معالي الدكتور غازي القصيببي ونوجه الأنظار إلى ما تزخر به كليات الطب والمستشفيات الحكومية من الكفاءات الممتازة التي نراها أحق بإعطائها حرية الاختيار في التفرغ مقابل بدله أو عدم التفرغ وفتح عيادة ونحن واثقون أنه – وفي أسرع وقت – ستوجد عشرات العيادات في مختلف التخصصات الطبية والقضاء على ظاهرة العجز في العيادات وليس على الوزارة إلا أن تبادر بسد نقص غير المتفرغين بأطباء جدد من وفر ما كان يصرف على بدل التفرغ.

إننا نأمل أن يوفقه الله لإصلاح هذا الوضع بعد أن أدى إلى هذا الفراغ الملموس.