الثلاثاء, 09 أغسطس 2011 00:15

ليس من الإسلام !!

قييم هذا الموضوع
(0 تقيم)

نعم ليس من الإسلام هذا الكلام الذي يردده بعض من يتصدرون للإفتاء والخوض في تعاليم الإسلام فيزعمون أن هذه الدعوة إلى سلب الناس أموالهم وتجريدهم من ثمرة جهدهم باسم توزيع الثروة بين المواطنين ومحو الفروق بين الطبقات.

نعم ليس من الإسلام فالإسلام منذ ظهر على وجه الأرض في عهد محمد -عليه الصلاة والسلام – وخلفائه وخلفائهم خلال ثلاثة عشر قرناً ونيفاً ثم يعمد أحد من قادته أو حكامه أو علمائه إلى القول بالتوزيع والمحو بهذا الأسلوب الجديد الذي يتنافي مع أبسط قواعد الإسلام "مال المسلم على المسلم حرام" "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا منى دماءهم وأموالهم إلا بحقها" لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ".

لم يقل أحد بهذا من أولئك الأوائل الذين تلقوا الإسلام من منابعه الصافية وأخذوه عن مشرعه ومفسره فكيف استباح هؤلاء – ولم يؤتوا من العلم إلا قليلاً – أن يلصقوا بالإسلام هذه التهمة  التي هو منها براء؟!

لقد اعترف الإسلام بحرمة المال ووجوب المحافظة عليه وتنميته ولكنه أوجب فيه حقاً للسائل والمحروم ولم يجعله كله حقاً للسائل والمحروم فكيف أجاز هؤلاء المفتونين مصادرته جميعه باسم السائل والمحروم وهم يعرفون جيداً ألا نصيب فيه للسائل والمحروم..

والمال في الإسلام ليس جريمة يستحق مالكه التهزئ والانتقام والإذلال كما يطالب هؤلاء الداعون إلى توزيع الثروات ومحو الفروق بين الطبقات، بل المال في الإسلام نعمة ومفخرة ووسيلة من وسائل العمل الصالح ونشر الخير وغشيان المكارم فاستطاع بعض الصحابة – رضوانه عليهم – من الأثرياء أن يقدموا للإسلام في أيام العسرة ولحظات الشدة أجل الخدمات بفضل ما لهم وقد قرن الله في الفضل من يجاهدون بأموالهم بمن يجاهدون بأنفسهم ولم يبخسهم حقهم.

فكيف يجيء اليوم من يدعو إلى تجريم أصحاب المال وسلبهم أموالهم بدون حق ووصمهم بأشنع النعوت والصفات ثم يجد من يقول – دون حياء أو خجل – إن هذا هو الإسلام؟ ويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكتبون؟!

والإسلام أقر الفوارق بين الناس وفضل بعضهم على بعض.. فضل بعضهم على بعض في الدنيا بالعلم والعمل وفي الأخرى بالتقوى وصالح الأعمال، فلم يكن أبو بكر وعمر في المجتمع الذي عاشا فيه متساوين في نظر هذا المجتمع مع معاوية أو أبو هريرة وكلهم أصحاب رسول الله ولم يقل أحد أن محمداً -عليه الصلاة والسلام- أو أن أبا بكر أو عمر وقد حكموا الدولة الإسلامية في أعدل عهودها وأزهرها قد ساووا بين أهل الصفة من الفقراء والمعوزين وبين عثمان بن عفان وأمثاله من أغنياء الصحابة، بل كانت لكل من هؤلاء منازلهم ومكاناتهم دون غمط واكتفي بحث الأغنياء على الإحسان إلى الفقراء والتصدق عليهم.

فكيف يجرأ هذا الفريق ممن أضلهم الله على علم أن يبارك الدعوة إلى محو الفروق بين الطبقات بهذا الأسلوب الملتوي فالطريق السليم لتخفيف الفروق على الطبقات – لا محوها – هو العمل على رفع الطبقات السفلى إلى أعلى بالتصنيع وزيادة الدخل ومضاعفة الإنتاج لا خفض الطبقات العليا إلى أسفل بسلب المال ونزع الملكيات وإهدار الكرامات.. كيف يجرأ هؤلاء على ذلك زاعمين أنه من الإسلام وهو ليس من الإسلام في شيء.. بل الإسلام منه براء إنهم " كالذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فاتبعه الشيطان فكان من الغاوين ".

معلومات أضافية

  • العــدد: 867
  • الزاوية: كل صباح
  • تاريخ النشر: 6/6/1381ﻫ
  • الصحيفة: الندوة
الذهاب للأعلي