من المناظر التي كانت تستثير شفقتي منذ أن كنت صغيراً منظر هؤلاء الجنود الذين تخرجهم الشرطة في المناسبات الاستقبالية قبل موعد الاستقبال بساعات طويلة وأحياناً في عز الشمس في حين أن موعد الاستقبال ليلاً، ولا أتصور أن يكون المسئولون عن هذه الاستقبالات لا يعرفون موعدها بالضبط وخاصة أن الكبراء دائماً يتحركون في مواعيد منظمة وإذا اختلت فإنما يكون ذلك نادراً ولظروف قاهرة.
أما عندنا فهو المنظر المستمر ولا أدرى أهذه الطريقة من المسئولين عن الاستقبالات مجرد احتياط أو أنها تدريب للجنود على تحمل العذاب لمجرد التدريب!
والذي دفعني إلى هذه الكتابة هو آخر منظر من هذه المناظر فقد كان من المنتظر أن يصل جلالة الملك المعظم إلى مكة ليلة الجمعة الماضية - وأقول «ليلة» بدليل أن جلالته كان مدعواً للعشاء بجدة فليس من المعقول أن يصل جلالته مكة قبل غروب الشمس ولكن جنود الشرطة المساكين قد أخرجوا للاستعداد لهذا الاستقبال منذ العصر حسب علمي - ما أدرى فقد يكون من الظهر - ولم يصل جلالته إلى مكة إلا بعد العشاء - بكسر العين -.
إنه مجرد لفت نظر لسعادة مدير الأمن العام ليعالج هذه المسألة القديمة في عهده الجديد ويكفى أن يجرى الاستعداد للاستقبالات قبل الموعد بساعة على الأكثر لا خمس أو ست ساعات كما يجرى الآن لاسيما وأن جلالة العاهل المفدى لن يرضى عن هذه الحال لو علم بها لما عرف عن جلالته من العطف الأبوي على رعاياه وأبناء شعبه.