الثلاثاء, 19 مارس 2013 16:20

المقررات المدرسية أيضاً

قييم هذا الموضوع
(0 تقيم)

إذا أوقفنا كل هذه العمائر فماذا يصنع العاملون فيها وهم كما قلنا بالآلاف إذا لم يكونوا من المطوفين أو أتباع المطوفين؟!

بعد كتابة يومياتي السابقة عن المقررات المدرسية وطبعها قدر لي أن أطلع على مواصفات مناقصة طبع تلك المقررات في مطابع المملكة فبدا لى روح التعجيز بادياً فيها حتى أصبحت أشك في جدية الرغبة في طبع هذه المقررات داخل المملكة.

إن أولى ما يصدم المناقص السعودي في الشروط هو طلب ضمان بنكي مبدئي بما يساوى 20% من العطاء ولمدة ثلاثة شهور مع أن مثل هذا الضمان المبدئي في المناقصات الأخرى يتراوح بين 2% و 5% ولا يتجاوزها بحال، بالإضافة إلى أن فترة تقديم العطاء لم تبلغ شهراً والضمان لثلاثة شهور.

فلنتصور مناقصة تحوى عشرين كتاباً يزيد العطاء فيها عن مليون ريال، كم سيكون ضمانها إذا كان 20% وما هي عمولة البنك التي سيتحملها إزاء حجز هذا المبلغ الضخم.

ولنتصور أيضاً كم يحتاج طبع هذه الكتب من مبالغ لتحضير الورق اللازم لها والعلاقات والعمال والسلك والخشب والحبر وكافة اللوازم مما يقتضى أن يكون المناقص مليونيراً كبيراً ولا يوجد بين أصحاب المطابع في المملكة إلا مليونير واحد، أما الباقون فإنهم من عباد الله المكافحين.

كما أن القصد من طبع المقررات داخل المملكة هو إتاحة الفرصة لجميع المطابع للعمل فيها لا إضافة ملايين إلى أصحاب الملايين.

تلك أولى العقبات في طريق المناقص السعودي..

أما الثانية فهي مدة الثلاثة الشهور المحددة لإنهاء المطبوعات وكلنا يعرف متى كانت تحضر الكتب المدرسية إلى المدارس وهي تطبع في بيروت رغم ضخامة الإمكانيات والاستعداد وكثرة المطابع.. وتبدأ السنة الدراسية ويتصايح الطلاب والصحف... الكتب.. الكتب ولا من مجيب.

وهكذا تضيق هنا.. وبحبحة هناك!!

وثالث المعوقات في الشروط اشتراط عدم جواز دخول المناقصة في كتب تقل ملازمها عن 25 ملزمة أى عن الثلث تقريباً.

فإذا كان الهدف من محاولة طبع بعض الكتب المدرسية في الداخل هو تشجيع المطابع الأهلية ودفعها إلى تقوية إمكانياتها للاستغناء عن طبعها مستقبلاً في الخارج فلماذا لا يسمح لكل مطبعة بأخذ ما تستطيع طبعه تمهيداً لمضاعفة إمكانياتها مستقبلاً؟

ورابع العراقيل وأشدها هولاً هو اشتراط كون الورق (ميفان نمساوي) وكذلك الغلاف مع أن الورق المستعمل في مطابع المملكة هو الورق والأغلفة صناعة اليابان أو السويد أو النرويج وكلها أنواع جيدة.

فما هو السر في اختيار الورق النمساوي بالذات مع أن المدة لا تكفي لاستيراده وكان يكفي – كما هو متبع في كل المناقصات – اشتراط وزن الورق وجودته مع تقديم المناقص عينة منه مع العطاء.

ولماذا اشتراط ورق ميفان نمساوي 70 غرام مع أن الورق المطبوع عليه نفس المقررات في لبنان 1383 ورق صحف 52 غرام فقط؟!

إن اشتراط مصدر صناعة الورق وليس في الوقت متسع لاستيراده عقبة كبرى في دخول المناقصة.

وخامس العقبات هو اعتذار القسم المختص بالوزارة عن تقديم مجموعة من الكتب المدرسية موضوع المناقصة مع الشروط والمواصفات بحجة أنه ليس لدى الوزارة سوى نسخة واحدة فقط وأن على المناقص أن يحضر بنفسه أو مندوب عنه إلى مقر الوزارة بالرياض للاطلاع على الكتب ولو كان مقره في مكة أو جدة، مع أن الوزارة توزع هذه الكتب مجاناً على آلاف الطلاب، فهل يعجزها أن تقدم عشر مجموعات للمتناقصين خاصة أنها استوفت خمسين ريالاً على الشروط والمواصفات المكونة من سبع ورقات لا تزيد تكاليفها عن خمس هللات؟!

وسادس المعوقات هو طرح الكتب المشكلة مع علم الوزارة التام عن طريق اللجان التي شكلت للطواف بالمطابع المحلية عن عدم استكمال استعداد المطابع بالحروف المشكلة نتيجة إلى لجوء وزارة المعارف منذ سنوات إلى طبع المقررات المدرسية في الخارج الأمر الذي دفع المطابع إلى إهمال هذا النوع من الحروف وخاصة أن من يجيد جمع الحروف المشكولة من السعوديين يكاد يكون معدوماً.

أما سابع العراقيل فهو اشتراط تعبئة الكتب في صناديق يكون خشبها سمك 12 مليمتر وبسعة محددة بحيث يفصل الصندوق على مقاس الكتب فلا يبقى في جوانبه فراغ، وهذا يقتضى أن يؤسس المناقص ورشة خاصة لصنع الصناديق وفق المقاس المطلوب..

وهذا لا يكفي بل لابد من تطويق الصناديق بأطواق حديدية وتبطينها بالمقوى مع أن من المحتمل أن يطبع الكتاب في الرياض أو في جدة ولا حاجة للصناديق وشروطها القاسية وكان يكفي أن يشترط تسليم الكتب لمستودعات الوزارة في حالة جيدة.

هذا ما وددت أن أعلق به على شروط ومواصفات مناقصة المقررات المدرسية ليطلع عليه معالي الوزير لعله يضع حداً لهذه المعوقات التي يلجأ إليها البعض للحيلولة دون طبع المقررات المدرسية داخل المملكة للسفر بها إلى لبنان.

ورجاء أخر إلى معاليه هو أن الطريق الوحيد لتحقيق رغبة جلالة الملك المعظم، وما يهدف إليه معاليه من إفادة البلاد من هذا المبلغ الذي يصرف خارج البلاد على طبع المقررات المدرسية مع وجود مطابع وطنية جديرة بالتشجيع والمساعدة على التطور وتشغيل الأيدي..

إن الطريق الوحيد هو العمل على تحقيق فكرة العهدة أو التكليف بعد وضع السعر المحدد لكل شيء وبواسطة الخبراء المحليين وتوزيع الكتب على أكبر مجموعة من المطابع في وقت مبكر أو على الأقل إشعار كل مطبعة بما سيعهد به إليها بوقت كاف لاستكمال إمكانياتها.

إن هذه الخطوة خدمة وطنية سيسجلها التاريخ لمعاليه لا تقل عما يقدمه معاليه لوطنه من خدمات وهو في منصبه كوزير للمعارف وفقه الله.

توقيف العمائر

لم أجد في نفسي أي مبرر أستسيغ به إحظار أمانة العاصمة الذي أعلنته بالصحف لجميع أصحاب العمائر بتوقيف عمائرهم ابتداء من 10 ذي القعدة 1384.

قد أستسيغ أن توقف العمائر حول المسجد الحرام حيث تكتظ هذه المناطق بالحجاج..

قد أستسيغ هذا لو أن أمانة العاصمة نفسها ودوائر الحكومة أوقفت عمائرها فعلاً في نفس هذه المناطق..

أما أن تنشط أمانة العاصمة ومشروع التوسعة ودوائر الحج في التعمير والهدم في الوقت الذي تحرم ذلك على الناس، فهذا هو موضع الغرابة بل الاستنكار.

أما الأغرب والأعجب فهو تعميم التوقيف دون استثناء المناطق التي لا دخل لها في الحج والحجاج كالزاهر مثلاً والنزهة والعزيزية والروضة وما ليس على الشارع العام أو الطرق الرئيسية..

وإذا أخذنا برأي أمانة العاصمة وأوقفنا كل هذه العمائر، والعاملون فيها يعدون بالآلاف ابتداء من 10 ذي القعدة إلى ما شاء الله حيث لم يحدد الإحظار موعداً لنهاية الحظر الذي سوف لا يسبق 10 محرم بحال من الأحوال إن لم يتجاوزه فازدحام الحجيج في 10 ذي القعدة لا يزيد عن ازدحامهم في 10 المحرم.

إذا أوقفنا كل هذه العمائر فماذا يصنع العاملون فيها وهم كما قلنا بالآلاف إذا لم يكونوا من المطوفين أو أتباع المطوفين..

ألسنا بهذا ننشئ سوقاً للبطالة تدفع أفرادها دفعاً إلى احتراف أعمال أخرى قد تضايق الحجاج كالتسول بالنسبة للبعض والتزاحم على بيع الزمزم أو التطويف أو منافسة أصحاب الدكاكين على البيع بالتجول أو بسط بضائعهم وعرباتهم ودكاكينهم المتنقلة وسط الشارع؟

ولماذا لا يكتفي بتحريم ترك أدوات العمارة من أخشاب وبطحاء وطوب وغيره في الشارع فقط دون توقف العمارات؟ فمن وجد داخل عمارته مكاناً لهذه الأدوات استمر في التعمير ومن لم يجد اضطر للتوقف من تلقاء نفسه.

ولماذا لا نترك الناس يعيشون من كد يدهم وعرق جبينهم فليس من الصواب توجيه المواطنين عموماً للجرى وراء الحجاج وخدمة الحجاج، والبيع على الحجاج والتسول من الحجاج..

معلومات أضافية

  • العــدد: 111
  • الزاوية: اكثر من فكرة
  • تاريخ النشر:
  • الصحيفة: عكاظ
الذهاب للأعلي