.. يبدو أنني لم أكن مخطئاً أو متجنياً عندما كتبت قبل شهور في جريدة المدينة عن المؤسسات الصحفية وعدم نجاحها بسبب تولي أمرها أناس هم أبعد ما يكون اختصاصاً.. وتفكيراً عنها.. أو معرفة بأسس سياستها السريعة.. أو إدراكا لمتطلباتها المتطورة دائما.
.. كما يبدو أيضا بأنني لم أكن الوحيد الذي يرى مثل ذلك الرأي.. فلقد كان الصدى أعمق بكثير مما كنت أتوقع.
ولقد كتب الأستاذ عبد العزيز الرفاعي في عدد الأمس يقول "بأن صحافتنا لم تقم بشئ من ذلك.. "ويعني تقديم المواد الصحفية الممتازة" ولا أدري.. أهو ضعف في الإمكانيات الصحفية؟.. وهذه حجة لا أحب أن تظل بعد نظام المؤسسات الذي أمد الصحافة إمكانيات مادية كبيرة..
أم أنه ضعف في الأداة الفنية للصحف ذاتها.. أعني في المحررين والمصورين. وهذه أيضا لا أظنها قائمة..؟
إنها الحاسة الصحفية التي يبدو أنها لم تتم بعد النمو الكافي؟؟
هذا نص ما قاله الأستاذ الرفاعي وتعقيباً على ما جاء في الفقرة الأخيرة من هذا الرأي كتبت ما معناه.. بأن الحاسة الصحفية نامية.. ومتوفرة.. ولكن ما العمل وقد تولى إدارة المؤسسات من لا يفطن بشئونها ومتطلباتها السريعة.
ودللت على ذلك بما كان للخبر الذي مثل به الأستاذ الرفاعي من تأثير في نفسي.. وبما حال ويحول دائماً دون العمل بما تمليه علينا إحساساتنا كصحفيين لحماً ودماً..
ودللت على ذلك أيضا بما تتعرض له البديهيات في مجال الصحافة من تعقيد وتجميل يمتد إلى شهور بسبب الروتين الذي خلقه القائمون عليها.
أولئك الذين قد يصلحون لإدارة أي عمل إلا الصحافة.
ولم يكد يظهر عدد الأمس.. حتى اتصل بي الأستاذ الرفاعي.. كاتب الرأي إياه.. وهو من نعرف حساسية ودقة.. ليؤكد ما كان في مقاله من رأي لم يقتصر على الفقرة التي ناقشتها.. وأنه لم يقصد بذلك جهاز التحرير.. وإنما عني القائمين الأوائل في المؤسسات بما جاء في الفقرة الأخيرة.
وأنا الآن.. وبعد هذا التعقيب من الأستاذ الرفاعي الذي أصبح يشاركني الرأي أستطيع أن أقول بأن الحاسة الصحفية لم تخلق بعد في نفوس أولئك المعنيين.. وإلا فما كان أجدرهم لكسب أمثال تلك الخبطات الصحفية التي تشد المئات من القراء إلى الجريدة التي نعنى بأمثالها.
وما كان أحراهم بتقدير جهد الكتاب والعاملين في صحيفتهم بصرف الاستحقاقات... وتأمين المستلزمات.. والانطلاق من الروتين لتحقيق الهدف من وراء قيام المؤسسات سيما وأن متطلبات الصحافة والعاملين فيها هي من صلب نظام المؤسسات الذي صدر إلا ليعمل على تطويرها بمثل ما اشترطه النظام من لوازم العمل ومقوماته.
فهل تراني قد أوضحت.
عبد الله عمر خياط