لا تزال في أسباب النكسة أسرار لم يكشف عنها القادة العرب اكتفاء بالاعتراف بوجود أخطاء دون تفصيل فتلك الأخطاء أو إشارة إلى مصادرها ولعل ذلك من قبل الحفاظ على الصف العربي على أمل أن يجرى كشف هذه الأخطاء في مؤتمر القمة العربي للتحقيق والعمل على تلاف تلك الأخطاء في الجولة القادمة وما هى منا ببعيد..
غير أن بعض الدول ما تزال تعمل على عرقلة عقد هذا المؤتمر خشية من كشف الحقائق ووضع النقاط على الحروف إذ لم يعد أي معنى لعدم المبادرة إلى عقد هذا المؤتمر بعد فشل القضية في الأمم المتحدة بل يجب أن يكون عقد هذا المؤتمر توطئة لعقد مؤتمر قمة إسلامي. وجل البلاد العربية إسلامية – يزيد العرب قوة إلى قوتهم ويحقق لهم مزيدا من النصر.
بل لقد ظهرت في الأفق العربي تحركات تكرس الانقسام العربي وتكشفه أمام العالم فالاتصالات لإزالة أسباب النكسة مقصورة على الدول التي يطلق عليها الدول المتحررة وهي أقل من نصف دول الجامعة دون إشراك بقية الدول وهو نفس الأسلوب الذي اتبع قبل النكسة فكان واحدا من أسبابها إذ فوجئت الدول الأخرى بوجوب الاشتراك في المعركة دون علم مسبق أو تخطيط معروف فكان ما كان.. وما تبعه من قرارات مرتجلة.
إن المبادرة بعقد هذا المؤتمر وكشف الأخطاء والتخطيط للجولة القادمة تخطيطاً صحيحاً يعتمد على الحقائق لا التهويل ولا التهويش والتهريج أصبح ضرورة واجبة ليس من صالح القضية المشتركة التقاعس عنه أو الانقسام فيه أو التفكير في خطط ترتكز على العناد والمكابرة وإخفاء الأخطاء السابقة أو التهوين من شأنها.
تساؤلات في الأفق العربي
ما زال الشعب العربي في ظلام دامس من الجهل عن أسباب النكسة التي مُني بها العرب في معركة الحق التي يخوضونها والأحداث التي سبقتها والتطورات التي نتجت عنها حتى شاعت الحقيقة بين الأقوال المتناقضة والإدعاءات المتخالفة وما زالت ترتسم في الأفق العربي هذه التساؤلات:
1- هل كان العرب – قبل يوم 5 يونيو مستعدين للاشتباك مع إسرائيل في معركة مصيرية لتحرير فلسطين؟!
إذا كانوا كذلك فكيف قبل النصح بعدم البدء بالهجوم من أبسط قواعد التكتيك الحربي أن الهجوم المفاجئ من أهم دعائم كسب المعركة.
وإذا كانوا على ما سبق أن أعلنوه من أن موعد المعركة ما زال بعيدا إن المسألة ليست مسألة إسرائيل ولكن من وراء إسرائيل. وإن قوات إسرائيل في عام 1964 كانت تفوق قوات الدول العربية مجتمعة وأنه لابد من خمس سنوات على الأقل كي تتمكن الدول العربية من الوقوف أمام إسرائيل.. إذا كان الأمر كذلك فلماذا لم نتخذ المخططات التي درست وأقرت من مؤتمرات القمة العربية؟
2- ما هي المبررات لهذا الانقسام في صفوف العرب من فريق يحالف الشرق ويستورد منه مبادئه ونظام حياته ويبدي إعجابه بمجتمعه ويحاول صبغ المجتمعات العربية بلون المجتمع الاشتراكي ويندفع في السير في ركابه إلى درجة مصادقة من يصادق ومعاداة من يعادي بل يسرف في العداء إلى درجة معادة من يناقضه هو ويسايره من أعدائه.
3- من المعروف لدى كل مواطن عربي أن روسيا وأمريكا وبريطانيا - أو بتعبير آخر المعسكران الشرقي والغربي - موقفهما واحد بالنسبة للقضية الفلسطينية فكلاهما بادر بإقرار إسرائيل على اغتصاب أرض فلسطين وساندها في كل موقف واعترفا بحقها في البقاء وما زالا يطالبان بذلك إلى الآن.
صحيح أن الغرب امتنع عن تسليح العرب إلا بشروط ولكن الشرق وافق على التسليح بدون شروط غير أنه جاء في اللحظة الأخيرة وعند الحاجة الملحة إلى استعمال هذا السلاح فمنع العرب من استعماله.
فما هو الفرق بين العدوان؟! ألا يعتبر الشرق ماكرا مخادعا أخذ أموالنا أو كبل أعناقنا بالديون ثم ترك العدو ومقاطعته التي باعها لنا لنشتري غيرها؟