يجد القراء تعقيب الزميل الأستاذ عبد الله أبو السمح مدير العلاقات العامة بوزارة الداخلية على الصفحة الثانية من هذا العدد وأود أن أعقب على ما جاء في تعقيبه بما يلي:
1- قال الزميل أن جميع النظم والقوانين الجنائية تنص على وجوب السجن على ذمة التحقيق وهو ما يعرف بالسجن الاحتياطي أو التوقيف ولا يحدد النظام حدا أعلى لفترة التوقيف هذه، وربما كان ذلك موضع تقدير المحقق غير أنه في الغالب لا يزيد على سنة.
ثم سمى الزميل الجرائم التي يجب فيها التوقيف وأنا أتساءل هل يجوز تطبيق هذه القوانين بمجرد أن يأتي من يقول فلانا هذا سرقني أو قتل مورثي أو هتك عرضي أو أنه للإقدام على التوقيف لابد من قيام أدلة وقرائن تجعل جانب الإدانة أرجح من جانب البراءة؟!
إننا نستطيع أن نؤكد أن كثيرا من الموقوفين يوقفون استنادا على هذا النظام بمجرد الاتهام وكثيرا ما خرج المتهمون أبرياء بعد سجن طويل.
ونحن لا نستبعد أن يقع كثير من المتهمين ضحية البلاغ الكاذب أو الإتهام المغرض وحسب صاحب البلاغ أو موجه الإتهام أن يسجن غريمه أسبوعا على الأقل من باب التشفي والإنتقام ثم يخرج بريئا دون أن ينال قاذفة أي جزاء.
2- ويقول الزميل أن نظام الأمن العام يقضي بمجازاة كل من أمر بسجن دون مبرر بسجنه ضعف المدة التي أمر بها.
ونحن هنا نسأل ما هو المبرر؟! هل هو مجرد رأي المحقق أم الأدلة القوية التي ترجح جانب الإدانة على جانب البراءة كما أسلفنا؟!
إن كانت الأولى فلا تعليق لنا إلا أن نقول: إنا لله وإنا إليه راجعون..
أما إذا كانت الثانية فإننا نرجو لفت نظر محققي الجنايات إلى هذه المادة التي تخفف كثيرا من التسرع في إيقاف المتهمين والاكتفاء بربطهم بالكفالة.
3- ثم قال الزميل عن قضية السجين شوعي بن أحمد بأن سجنه وقاية للمواطنين من احتياله ونحن نسأل هنا أيضا: أليس لكل جريمة عقوبة محددة؟! ما هي عقوبة المحتال؟! هل هي السجن المؤبد؟! لقد مضي على هذا السجين ثلاث سنوات وهو لا يدري أهو سجين في المبلغ ومتى دفعه خرج أم أنه سجين بجريمة الاحتيال إلى الأبد؟!
ثم أمر آخر يسترعى الانتباه في قضية هذا السجين أنه معترف ومحكوم عليه بالمبلغ بإعترافه ولم يحكم عليه حتى الآن بغير ذلك فلماذا يظل كل هذه المدة في سجن انفرادي؟!
هل ما زال التحقيق جاريا ويخشى من التأثير عليه إذا اختلط بأحد؟! أم ماذا؟!
وهل لا تكفي سنوات ثلاث من السجن الانفرادي وما لقيه أطفاله السبعة وزوجتاه من البؤس والشقاء والتشرد.. ألا يكفي كل ذلك لتأديبه واستتابته؟!
إننا نلح في الرجاء على وزارة الداخلية لتشكيل لجنة على مستوى عال من الثقافة القانونية والشرعية لدراسة جميع حالات المساجين في المملكة ووضع تعليمات واضحة صريحة للسجن الاحتياطي وأقصى مدة له تفرق بين المجرم الحقيقي والمجرم بالإتهام فقط وتضمن العدالة للجميع وفي الوقت نفسه تقوم بدراسة أحوال السجون وما يجب لإصلاحها وتحويلها إلى أداة للتهذيب والتقويم والله الموفق.