لقد صدق شاعرنا المتنبي الذي قال:
وكم من عاتب قولا صحيحا وآفته من الفهم السقيم
فقد أبى سقم الفهم عند بعض الناس إلا أن يردد الأسف والأسى على من كتب يطلب ابقاء الأجانب وينفي وجود البطالة وقد أفصح بعضهم فقال أن من فعل هذا هو رئيس تحرير إحدى الصحف اليومية والذى كتبته وهو موجود وثابت يمكن الرجوع إليه – ليس فيه ما يدل على طلب إبقاء الأجانب بدون قيد ولا شرط أو ينفي وجود البطالة نفياً قاطعاً.
والذي يقرأ ما كتبته بفهم صحيح يجد أننى قلت ما يأتي:
الاستغناء عن الأجانب وتشغيل الوطنيين ينبغي أن ينفذ بطريقة تراعي فيها مصلحة الوطنيين بطرفيهم – آجرين ومأجورين - ويبتعد فيها عن الارتجال لأنها مسألة حساسة ودقيقة لا يكفي فيها أن يتنادي عاطل أو اثنين ومتحمس أو متحمسين إن أخرجوا الأجانب حالا فيجري إخراجهم دون التأكد من وجود من يسد مسدهم من الوطنيين وأنه ينبغي للوصول إلى هذه الغاية وهي ترحيل الأجانب وتشغيل أبناء البلاد تأسيس مكتب للعمل في كل مدينة من المدن الكبرى تكون مهمته إحلال الوطنيين العاطلين مكان الأجانب الذين يمكن الاستغناء عنهم.
هذا هو كل ما كتبته وسماه بعض الناس دفاعا عن الأجانب وسماه آخرون طلبا لإبقائهم ولا أظن منصفا يفهم الكلام على صوابه يستطيع أن يكابر ويدعي فإن ما كتبته هذا هو منتهي الإنصاف للوطنيين أولا ثم للأجانب ثانيا فالوطنيون الذين يجب أن تكفل حقوقهم ليسوا هم العمال وحدهم بل وأصحاب العمل ولم تكن مجالات العمل في يوم من الأيام وفي أي بلد من بلاد الله تكية من التكايا يفئ، إليها تنابلة السلطان أو كسالى بني الإنسان.
والوطن ليس ملكا لطبقة من الطبقات كما قلت من قبل وليثق هؤلاء المتباكون على الوطنية أن أصحاب الأعمال هنا أكثر وطنية وأنهم يعانون الأمرين من الاضطرار لاستخدام الأجانب وما يترتب عليه من المشاكل والمتاعب وأنهم يتمنون أن يجدوا من أبناء البلاد من يسد حاجتهم فيوفر عليهم كثيرا من هذه المتاعب.
إنني أكرر هنا المطالبة بإنشاء مكتب للعمل في كل مدينة يشرف بنفسه على تشغيل العاطلين من الوطنيين - إن كان هناك عاطلون يريدون العمل - وإنصافهم من أصحاب الأعمال وإنصاف أصحاب الأعمال منهم.
وكل كلام غير هذا أو نداء أو تباكي أو أسف لن يحل المشكلة ولن يوصل إلى الغاية التي نسعى إليها جميعا وسيظل حبرا على ورق وصيحات في واد وعواطف تتلاشى.
فهل فهم السادة الناعون ماذا نعني وما هو موقفنا من هذه القضية في وضوح أم نكرر عليهم مرة أخرى حكمة المتنبي؟!