ما هو الغرض من فكرة تسمية الشوارع في مكة؟ هل هو إلغاء جميع الأسماء القديمة وقلبها رأسا على عقب!! أم الإبقاء على الأسماء اللائقة وتغيير غير الملائم وتسمية الشوارع الجديدة التي لم تسم بعد.
في رأيي أن الفكرة من تسمية الشوارع هو لسهولة الاستدلال بها على ما يريده الإنسان من دار أو متجر مع الإبقاء على الأسماء التي عاصرت تاريخ البلدة وإبدال ما تقتضي الظروف إبداله من الأسماء وإطلاق بعض الأسماء التاريخية على هذه الشوارع دون تكلف.
والذي لاحظته في تسمية شوارع محلة أجياد المنشورة بالعدد الماضي من هذه الجريدة غير ذلك فقد أطلقت أسماء جديدة على جميع شوارع وأزقة الحارة الأمر الذي اضطر لجنة التسمية إلى التكلف الواضح في الأسماء.
ومع احترامي للجنة التسمية العامة التي أقرت هذه الأسماء فإنني أود أن أصارحها بأنه لم يكن بها حاجة إلى هذا التكلف في التسمية وإخراج هذه الأسماء من بطون التاريخ.
مثلا لماذا نسمي شارعا باسم أجياد الصغير وآخر باسم أجياد الكبير ونلخبط الناس بهذا الالتباس؟! لماذا لا يظل شارع أجياد الصغير هذا يحمل اسمه القديم المشهور به وهو شارع السد ويسمى شارع أجياد الكبير شارع أجياد فقط؟! كما فعلوا في درب اللبانة وشارع المصافي.
ولماذا أبدل زقاق الدهان بثنية قصى؟ هل كان قصى يسكن هناك ؟ ومثل ذلك زقاق السراج وزقاق القزاز وزقاق البسيوني وزقاق المطبعة وزقاق القلعة.. لماذا لا تحتفظ هذه المناطق بأسمائها القديمة المشهورة بها. وليس فيها عيب ومن السهل معرفتها؟!
إنني أعتقد أن عمدة المحلة نفسه لو جئته يوما لأسأله عن ثنية قصي أو ثنية بني عبد الدار أو ثنية معاذ لاختلطت على ذهنه الأسماء ولم يستطع تحديد مواقعها بالضبط إلا بعد عمر طويل.
إن تغيير أسماء شوارع وأزقة المحلة هكذا دفعة واحدة إجراء شاق ومرهق ولن يتأتى حفظها بسهولة حتى على سكان نفس المحلة وسيلاقى فيه الناس مشقة بالغة.
والطريقة السليمة للتسمية هي أن تحتفظ الشوارع القديمة بأسمائها ما لم تكن شاذة أو غير لائقة أو ثقيلة في النطق أو السمع ولتكون وسيلة من وسائل الاستدلال على الشوارع الجديدة.
فيقال للسائل مثلا عطفة هلال في شارع السد بجوار زقاق القزاز وهكذا يسهل عليه معرفة عطفة هلال هذه
إما أن يقال له عطفة هلال في شارع أجياد الصغير بجوار ثنية مزينة فإنني أستطيع الجزم أن سكان أجياد أنفسهم لن يستدلوا على عطفة هلال هذه إلا بعد أن تظل عيون الباحث مشدودة ساعات طويلة وعنقه ملتوية نحو اللوحات المعلقة على جدران الشوارع وقد يذهب إلى السد ليبحث عن شارع بني مخزوم وهو في بئر بلبلة وقد يذهب إلى بئر بلبلة ليبحث عن ثنية عدنان.
إنني أقترح إعادة النظر في هذه الأسماء لأنها ستؤدي إلى عكس ما أريد بها ومن الممكن مستقبلا إبدال بعض الأسماء القديمة تدريجيا بعد أن تثبت في الأذهان الأسماء الجديدة.
وأرجو أن تراعي هذه الأوضاع في بقية المحلات فلا حاجة مثلا إلى تغيير اسم زقاق الوزير أو زقاق الحاكم أو شارع القشاشية أو اليوسفي أو شارع عون أو شارع رفيق إلخ لتبقى وسيلة من وسائل الاستدلال على الأسماء الجديدة.