من الناس من يفهم أن رفع الرقابة عن الصحف معناه حرية النشر ولو كان في ذلك إساءة إلى الآخرين شخصياً لا فكرياً.. وعلى أثر ما نشر عن رفع الرقابة تلقيت كثيراً من الكلمات والمقالات التي لا تصلح للنشر، إما من حيث تفاهة الفكرة التي تحويها وإما من ناحية نقد الأشخاص لا نقد الأفكار، فكان مصير هذا النوع من الكلام سلة المهملات.
والصحافة فن غير فن الأدب، وإن كنت شخصيا لم أؤت منه إلا القليل نتيجة تجارب طويلة المدى.. أدركت منها أن عنوان المقال هو الذي يجذب القارئ إليه أو يصرفه عنه.
والنقطة الثالثة التي أحب أن أشير إليها بين يدي جوابي على تساؤل الصديق الأستاذ حسين سرحان عن أسباب حذف ما حذفته من مقاله عن الانتخابات.. النقطة الثالثة هي أنه لم يسبقني أحد إلى نشر الآراء المخالفة والمهاجمة لآرائي وآراء أسرة الندوة مهما كانت قاسية إيمانا مني بحرية النشر وأقرب دليل رد الأستاذ سرحان نفسه حول الانتخابات، ورد السائقين السعوديين والأخ عبد السلام الساسي على ما نشرناه، والردود الكثيرة التي نشرت على مقال لي عن المواسم والأعياد.
بعد هذه المقدمة أبادر فأجيب الصديق سرحان على أسئلته:
1- تغيير العنوان كان مجرد رغبة مني في لفت نظر القراء إلى المقال باعتبار أن الانتخابات كانت حديث الناس حينئذ.
2- العبارات الأخرى المحذوفة كانت تعريضا بالكاتب واتهاما له بأن رأيه كان التماسا لمنصب والحظوة لدى المسئولين وأعتقد ويعتقد كثيرون غيري أن مثل هذا الكلام لا يليق أن يقال في النقاش الفكري بين المتعارضين، واعتبرتها سبق قلم أردت أن أنزه عنه قلم الصديق وأدع بيت الود بينهما عامرا ما دامت هذه العبارات لا تأثير لها على الفكرة تصويبا وتخطئة بل خروج عن نقد الأفكار إلى نقد الأشخاص.
وقد دأبت "الندوة" على عدم نشر الانتقادات الشخصية.
3- أما ثالثة الأثافي، وهي مسألة التصحيح والأخطاء المطبعية فإنها محنة الصحافة المستمرة، ولا تخلو منها صحيفة سعودية ولا عربية.
وبعد فإني أرجو أن يكون فيما أسلفت ما يبرر تصرفاتي لدى الصديق، فإن من المقبول والمعقول أن نقول للإنسان أن رأيك هذا خطأ لكيت وكيت، ومن بواعث الاستياء وتعكير النفس أن نقول للإنسان أن رأيك هذا خطأ لأنك تبديه لغرض شخصي.
فهل يرانى الصديق سرحان معذورا في هذا الصنيع؟!
ثم لماذا لم يعاتبني شخصيا فيما صنعت؟
ولماذا نقل مناقشته الخاصة بيني وبينه إلى جريدة أخرى.
وهو يعترف بصداقتنا؟ ثم ألا يعني صنيعه هذا التشويش..
في مسألة خاصة لا تحتاج إلى الملاحظة العلنية؟ وهل هي حقا "بذور فلسفة"؟
عفا الله عنه.. فنحن في شهر كريم.