عندما يبدي الواحد منا ملاحظة أو نقداً لأي عمل يتعرض لسخط المسئول عن ذلك العمل وربما أذاه إذا كانت الملاحظة أو النقد في محلها.
أما إذا كانت الملاحظة خطأ نتيجة تسرع أو مبنية على مجرد الظن فإن الأرض تخرج أثقالها، والقيامة تقوم ولا تقعد لأن الملاحظ أن الناقد لم يتحر الصدق، ولم يحاول التعمق إلي معرفة الحقيقة.. إلخ ما ينزل بالملاحظ أو الناقد المسكين رغم وضوح حسن النية في نقده أو ملاحظته، ولن يجديه إلا أن يعتذر ويتوب ويستغفر.
والدارس للتشريع الإسلامي يجد أنه فاق كل التشريعات الحديثة التي صنفت السلطات في ثلاث: تشريعية، وتنفيذية، وقضائية فاقتها بإضافة سلطتين أخريين السلطة المالية وكانت في عهود الإسلام الأولي سلطة مستقلة، وسلطة المراقبة والتقويم.
وهذه السلطة الخامسة كانت معطاة لقادة الرأي وأصحاب العلم ومثقفي الأمة وعقلائها.
وكان الخلفاء والحكام والولاة يقيمون وزنا لهذه السلطة ويحسبون لها ألف حساب، ولا يضيقون ذرعاً حتى بالمخطئ فيها أو بما أملاه التسرع بل كانوا يطالبونها بالتصويب وتقويم المعوج.
فأبو بكر وعمر وعثمان وعلى بل وأكثر الخلفاء بعدهم عندما يتولون الخلافة ومسئولية الحكم يطلبون من عامة محكوميهم أن يردوهم إذا أخطأوا، ويصلحوا عوجهم إذا اعوجوا والتاريخ الإسلامي ملئ بالقصص في هذا المجال.
وقصة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - مع سليمان الفارسي حينما عارضه وهو يخطب على المنبر قائلاً ما معناه: لا نسمع ولا نطيع لأنك قسمت علينا من الغنيمة ثوباً واحداً وأخذت لنفسك ثوبين ثم تبين أن ثوب عمر الثاني إنما هو ثوب أبنه عبد الله تنازل له عنه فلم يغضب عمر ولم يحقد على الناقد المخطئ واكتفي بتصحيح فهمه وبيان الحقيقة للآخرين دون إبراق أو إرعاد أو توبيخ.
وأنا لا أدري لماذا يغضب بل يحنق من توجه الصحافة إلي أعمالهم بعض الملاحظات فلا يكتفون بنفي ما نسب إلي عملهم كما فعل عمر فيتجاوزون ذلك إلي الثورة والسخط وربما الانتقام مع أن نسبه الخطأ في تلك الملاحظات لا تزيد على 1% ونفعها أكثر من ضررها وهي في الوقت نفسه العين الأمينة الساهرة على كشف إهمال المهملين وعبث العابثين.
السائقون والرخص
قد يبدو رأيي اليوم غريباً، ولكنه الواقع الذي لا يمكن أن نتجاهله.
لو أن قلم المرور أجرى إحصاء دقيقاً لحوادث المرور لتبين له أن أكثر المخالفات والحوادث، جاءت ممن يحملون رخصاً نظامية.
وأن حوادث من لا يحملون رخصاً أخطاؤهم أقل بكثير من أخطاء وحوادث أولئك، بل استطيع أن أجزم أن الحوادث المروعة في المرور أبطالها من السائقين حملة الرخص إذ أن حصول السائق على الرخصة كثيراً ما يوحي إليه بأنه أصبح حاذقاً في المهنة ماهر في إدارة دفة السيارة قادراً على الإمساك بزمامها والتحكم في توجيهها.
والذين يصورون حملة المرور القائمة الآن لتجديد الرخص والاستمارات وأشكال اللوحات على أنها حملة ستؤدي إلي تنظيم المرور والتخفيف من حوادثه ومشاكله مخطئون، فالحصول على الرخصة عندنا لا يعني مراعاة النظام والتقيد به، بل يعني العكس.. يعني التطاول على النظام والعنترية على الجنود.. بل يعني الامتلاء بالشعور أن حامل الرخصة سائق ممتاز يستطيع أن يقود السيارة بطرف أصابعه.. بل يستطيع أن يسرع ويزاحم ويسابق ويتحدث أثناء السير مع من يشاء ويقف وسط الخط.. لا لشيء إلا لأنه يحمل رخصة لأنه أدى الاختبار ونجح.. لأنه يستطيع برخصته أن يخرق عين من يريد معارضته..
إن حملات المرور، وأسبوع المرور، وتنظيم المرور ينبغي أن يتجه كل ذلك اتجاها آخر غير تنمية الإيراد، ينبغي أن يتجه نحو تعليم الناس كيف يتجنبون حوادث المرور.. تعليم الجمهور كيف يقطعون الشوارع.. تعليم السائقين متى تجوز السرعة؟ ومتى تجنب التهدئة، تلقين السائقين التقيد بتعليمات المرور بالوقوف حيث يجوز الوقوف والامتناع حيث يجب الامتناع عن الوقوف.. تلقين السائق أن مركزه الاجتماعي أو مركز مخدمه مهما كان رفيعاً لا يغني عنه شيئاً عندما يخالف النظام.
هذا ما نرجو أن تتجه إليه حملات المرور فليس لرخصة السواقة أي تأثير فيما تعانيه من فوضي المرور وطيش السائقين وعلى هذا الأساس ينبغي أن تقام عندنا أسابيع المرور.
إشارات المرور الضوئية
ألاحظ كما يلاحظ غيري الإسراف في إشاعة إشارات المرور الضوئية في مكة، فهل هذا الإسراف ناشئ عن نجاحها أو عن فشلها؟
رأيي أنا إنها فاشلة إلي أبعد الحدود لكثرة ما يعتريها الخراب وتتعطل، وتنزل الجنود في وسط الشارع للتأشير بأيديهم ويرتبك السائقون هل يوجهون أنظارهم إلي الإشارات الضوئية؟ المفروض توجيه النظر إليها أو البحث عن الجندي أين يقف والتحقق من إشارته هي للوقوف أم للسير؟
ما أكثر ما تخرب هذه الإشارات عندنا دون بلاد الله، ولا أدري ما هو السر؟ أهو رداءه النوع؟ أم رداءة التمديدات؟ أم السر في الأيدي التي تحركها؟
لابد أن السر الحقيقي في قلب الشاعر- أعني قلم المرور- فهل يفيدنا- أفاده الله عن هذا السر لننادي تحيا إشارات المرور الضوئية أو تسقط إشارات المرور الضوئية!!
وبهذه المناسبة يحضرني سؤال أريد أن أسال عنه أمانة العاصمة التي تجد دائما في نشر إشارات المرور الضوئية ماذا تم في موضوع مرقب العتيبية التي سقط صريعاً منذ أكثر من سنة؟! ولماذا لم يعد بناؤه وإذا فرض أن موضوع إعادة بنائه موضوع كبير يحتاج إلي نفقات باهظة لا تقدر عليها الأمانة فلماذا لم تصلح الإشارة الضوئية وتدار من الأرض؟ أم أن إدارة هذه الإشارات يجب أن تكون من الجو؟
إنه سؤال مجرد سؤال فهل من مجيب؟
مخبرو الصحف
ما أسرع مخبري الصحف عندما يسوقون خبراً عن اجتماع لجنة أو هيئة إلي منح الألقاب والرتب وترئيس من يشاءون دون محاولة للبحث عن الحقيقة ولعلهم يحاولون دائما مجاملة من يعطيهم الخبر..
لقد لاحظت ذلك مراراً مع أن أكثر اللجان والهيئات تجتمع وتقرر دون أن تبحث مسألة الرئاسة لما يسببه ذلك من إشكالات.
غير أن بعض المخبرين يأبي إلا أن يمنح الرئاسات على مزاجه.
وآخر خبر قرأته ما نشرته جريدة الندوة يوم 1-11-84 عن اجتماع لجنة تحسين أوضاع موارد المياه بمكة المؤلفة من المجلس البلدي وأمانة العاصمة وعين زبيدة فقد تعطف مخبر الندوة ومنح مندوب أمانة العاصمة لقب رئيس اللجنة مع أنه ليس فى اللجنة رئيس ولا مرؤوس.
فيا مخبرو الصحف خذوا من الإخبار لبها ودعوكم من القشور.