كتب الصديق الدكتور ابن سينا في أجازته الأسبوعية بالبلاد السعودية ينعي على هذه الصحيفة تصديها للدفاع عن الأجانب المراد ترحيلهم من المملكة وقال أنه يؤيد الجريدة في طلبها استعمال العطف والرحمة مع هؤلاء وتنفيذ النظام بشيء من اليسر واللين ولكنه يخالفها في قولها أن البلاد سوف تفتقر إلي كناسين وخبازين لو رحلنا هؤلاء الأجانب إلي آخر ما جاء في كلامه.
والذي قالته حراء بالنص «ولقد نشأ عن هذه الطريقة ونعني طريقة الترحيل التي وصفناها في ترحيل الأجانب شل للحركة العمرانية والخدمات العامة فالمخابز تكاد تتعطل والسقاية تتوقف والتنظيفات في طريقها إلي التدهور».
ثم طالبت الصحيفة بتنظيم السماح بالإقامة لمن تحتاج إلي خدماتهم البلاد وترحيل الضار و غير النافع. فهل يا عزيزي القارئ في هذا الكلام دفاع عن الأجانب أم هو دفاع عن البلاد وسمعة البلاد؟ إن الألفاظ الشعرية والخيالية لا مكان لها في معالجة الواقع فإذا قلنا أن البلاد في حاجة إلي أنواع خاصة من الأجانب وهو الواقع الذي يعرفه الصديق جيداً ويعرف أن الوزارة التي يشغل مركزاً كبيراً بها تعتمد في أكثر أعمالها على عديد من هذه الأنواع وأنه لا يمضي يوم دون أن يوقع قرارات بتعيين عدد من هؤلاء الأجانب. إذا قلنا هذا ورأينا أنفسنا مضطرين للاعتراف بهذا الواقع المرير فلن يصح أن يقال لنا «إذا كان هذا صحيحاً فالأولي لنا أن نموت جوعاً وأن نعدم النظافة من أن نعتمد على الأجانب حتى في أبسط مرافق الحياة ولا يكفي ذلك بل علينا أن نجعل من أنفسنا قدوة ولنكون جمعية للنظافة والخبز وأرجو أن تضمني الجمعية بين أعضائها العاملين ولنتول بأنفسنا المناوبة في الأفران لنعد الخبر للمواطنين ولنقم بتنظيف الشوارع المحيطة بمنازلنا».
إنه يا صديقي العزيز كلام شعري جميل وحلم يمكن أن يداعب أحدنا في منامه، أما أن يكون الواقع الذي نعيش فيه فإنني أعتقد أنك تشاركني الرأي في أن أوان هذا لم يحن بعد..
فلنعترف بالأمر الواقع ونعالجه بالحقائق الممكن وقوعها لا بالأماني والخيالات..
وإذا كان الصديق يصر على ما يدعو إليه أمر يمكن تحقيقه فإنني أرجوه أن يبدأ بالتجربة في محيطه الصغير ويرينا كيف يمكن الاستغناء عن الأجانب الذين يقومون عنده بأعمال توازي أعمال التنظيف وصناعة الخبز.
ثم أريد أن أسأل الصديق أين العامل السعودي؟!
إني أطالبه باسم البلديات وأصحاب الشركات والمصانع والأفران أن يدلني على مكانهم لالتقاطهم وتدريبهم على أعمال الكنس والخبز والسقاية.
وأخيراً أين وجه العار والخزي الذي لحقنا إذا ارتفع مستوى المعيشة عندنا فأصبح السعودي الذي كان يسقي لنا الماء أو يقوم بالتنظيفات صاحب مزارع وسيارات وتجارة لست أري في هذا خزياً أو عاراً فما رأي القراء؟!