سؤال ضاق به صدري وتوقف عنده قلمي طويلا هو لماذا يتلهف الساسة العرب على مؤتمر جنيف ويستحثون الخطى إليه ويستعجلون عقده بشروط أو غير شروط بل باستعداد مسبق لتحقيق كل ما تريد إسرائيل من أمن وصلح واستقرار؟!
لماذا هذا التلهف وإسرائيل قد التقطت اللاءات الثلاثة منا التي كنا ننادي بها فتنازلنا عنها وراحت تقول لا خروج عن الضفة الغربية.. لا خروج عن الجولان.. لا خروج عن سيناء.. لماذا هذا التلهف إذا كان صحيحاً ما تقوله التقارير العربية وغير العربية أن وضع إسرائيل الاقتصادي سئ للغاية.. وأن نسبة التضخم الاقتصادي في إسرائيل بلغ 38% وهي أكبر نسبة في العالم وأن نسبة النمو الاقتصادي 1% فقط رغم كل المعونات الضخمة التي تقدمها أمريكا وأن ثلث القوى العاملة في إسرائيل عاطلة ومستوى المعيشة منخفض بشكل غير طبيعي وأن الهجرة إلى إسرائيل في انخفاض مستمر والهجرة منها في ازدياد إلخ.
لماذا هذا التلهف والخنوع والثناء على أمريكا وامتداحها وإلتماس عونها بينما تشمخ إسرائيل بأنفها وتشتم أمريكا بل وتهددها وهي التي تعيش على فتات موائدها ومن يدري فقد تتآمر على الرئيس كارتر وتغتاله كما اغتالت أخاً له من قبل ونحن سارون في أحلام تصريحاته ودعوة فلا نستيقظ إلا وقد تبددت الأحلام فبينما نتملق نحن أمريكا ونضع ثقتنا فيها نرى إسرائيل على لسان رئيس وزرائها ووزير دفاعها "من الأفضل نسيان مؤتمر جنيف الآن" الضفة الغربية هي قلب إسرائيل.. وإذا كان الضغط الأمريكي علينا الآن قوياً فعلينا أن نقف ضده بخشونة وإذا أزادت ضغطها فعلينا أن نواجهه كما واجهتها الدبابات المصرية وستكون الولايات المتحدة أكبر الخاسرين.
كيف الثقة في أمريكا وهي تلحق تصريحاتها المطمئنة للعرب بتأكيدات أخرى لإسرائيل بأنها لا تنوي بذلك الضغط على إسرائيل ولا تفكر فيه.. وكأني بها تقول لإسرائيل أنه كلام فلا تهتمي فهل يتوقع العرب أن تتخلى إسرائيل عن مطامعها الاستعمارية وأحلامها الصهيونية بدون ضغط؟!
وما هو دور أمريكا بالضبط في مشكلة الشرق الأوسط إذا كانت تتعهد لإسرائيل بعدم الضغط وعدم فرض تسوية وتستمر في إمدادها بالسلاح؟ والمعونات المالية؟
ألا يبدو واضحاً أن المسألة مجرد تخدير للعرب بالتصريحات ثم استعمال الفيتو ضدهم عند اللزوم؟
لماذا نذهب إلى جنيف وهذه تصريحات زعماء إسرائيل لا انسحاب ولا حقوق للفلسطينيين ولا وطن لهم.
ولماذا نذهب إلى جنيف طالما أن أمريكا لا تريد أن تفرض حلاً على إسرائيل بل لا تريد الضغط عليها لتحقيق سلام عادل بل تسربت بعض المعلومات عن خطتها لحل مشكلة الضفة الغربية من ارتباط سكانها سياسياً بالأردن وعسكرياً تحت السلطة الإسرائيلية.
إن ذهابنا إلى جنيف ينبغي أن تسبقه تسوية جميع خلافاتنا والذهاب إليه يداً واحداً وقلباً واحداً.
كما ينبغي أن يسبقه اتفاق على أسس واضحة ومبادئ عامة ولتكن قرارات الأمم المتحدة هي هذه الأسس والمبادئ وليس لإضاعة الوقت وتمضية الزمن وإلهاء الشعوب العربية أما أن نذهب لتكريس الاحتلال فلا وألف لا ولتبق المشكلة معلقة حتى يأذن الله بنصر المؤمنين.